آخر تحديث يوم الاثنين 03 - 05 - 2004م

.....

إنسانية وحضارة ومعرفة

في معاملة الأسير العراقي

سقطت ورقة التوت الأخيرة. البعض يشكك في أنها كانت موجودة أصلاً. وظهرت الحضارة الغربية على حقيقتها. كنا نقدر أن يحمل الجندي الفرد من حقائق الإنسانية ومقومات الحضارة وآفاق المعرفة ما يميزه عن بوش ورامسفيلد وكوندليزا رايس!!

كنا نظن أن يكون الجندي البريطاني قريباً من صاحبة التاج بعيداً ن بلير المحارب بالنيابة.. فإذا كل جندي أمريكي نسخة طبق الأصل عن بوش ورامسفيلد وكوندليزا رايس..

الجنود الأمريكيون يفعلون بأسراهم، ما أظهرت الصور!! وحسبك. ونظن أن الصور لم تظهر كل شيء!! ونقدر أن المخفي والمستمر أعظم. الأكثر شناعة محامو الدفاع الذين اعتذروا عن النفوس الممسوخة بالجهل، وأن هؤلاء الجنود (الأبرياء) لم يلقنوا (حقوق الأسرى)!! كأن قواعد السلوك الآدمي تلقن وتعلم!! أليس من المعيب من ثم أن يتباهى بوش وحزمته أنه جاءنا معلماً؟! وأن في مشروعه الأمل تعزيز المعرفة في عالمنا البائس المنكود؟! أليس من نكد الدنيا أن يتطاول هؤلاء إلى تصحيح القيم والثقافة لمجتمعات تعلمت منذ ألف وخمس مائة عام أن يجوع الآسر ليطعم زاده الذي لا يملك سواه للأسير. (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً)؟!

وفي الوجه الآخر يطل علينا بلير، في وجه جندي بريطاني حضاري وأنيق.. يبول على أسيره فماذا نضيف؟! أين يمكن أن يخفي أصحاب هذه الأفعال وجوههم، إن كانت لهم وجوه يمشون بها بين الناس..؟!

حين سقطت ذرائع بوش وبلير في كف شر النظام العراقي المخلوع عن العالم، ومصادرة ما يملك من أسلحة دمار شامل، وتبين للقاصي والداني أن الذرائع تلك لم تكن إلا زيفاً خدع به أصحابه العالم، تمسك هؤلاء بذريعة تحرير الإنسان. كتب توماس فريدمان الصحافي الأنيق جداً أن المقابر الجماعية التي اكتشفت في العراق أشد خطراً من أسلحة الدمار الشامل، وأن تحرير إنسان العراق يستحق..

واليوم وبعد أن تحولت كل حديقة في العراق من الفلوجة إلى النجف إلى مقبرة جماعية تضم بين جنباتها الرجال والنساء والأطفال.. الأسر الموؤدة تحت ناتج القصف الأمريكي للبيوت الطينية البسيطة بالأسلحة الذكية المعقدة.. اليوم وبعد أن كشفت الصور، التي لم تمثل إلا القليل مبلغ القوم من الحرية والحضارة والمعرفة؛ المطلوب من الشعب الأمريكي أن يغسل عاره بيده. كل ما حدث ويحدث يقع في عنق بوش وزمرته. المطلوب من الشعب الأمريكي ألا يتوقف عند الجناة الصغار، وأن يتوجه إلى الجاني الأول والجاني الأكبر.. المطلوب منه ليغسل العار ويصحح الصورة عن ذاته أن يعلن عن بوش مجرم حرب يحوّل بموجب القانون إلى المحكمة عليا. ونظن أن محكمة عادلة لا تحتاج إلى بينات أكثر من كوم الأسرى العراقيين بين أيدي جنود بوش. ولن تحتاج محكمة بريطانية فيما نظن أكثر من صورة جندي بريطاني يبول على أسراه.

3 / 5 / 2004