برق
الشرق
اقتصادلوجيـا
قد
ننتمي في علم (الاقتصاد) إلى الكثير ممن
يتساءل: هل أكثر من الألف يكون ؟!
وعندما نمر بالأعداد ذات الخانات
التسع أو الاثني عشر نتردد في متابعتها
لئلا نصاب بالبهر أو الحصر.
ولا
نحسد أصحاب الثروات على ثرواتهم،
وندعو الله أن يبارك في رزق عباده. كما
نعتبر أنفسنا أغنياء بالألف، التي
نتصورها ولا نملكها، ولكن دائماً نعود
إلى ولكن.. هذه الأرقام الفلكية التي
تمتلكها بعض الدول أو بعض الشركات أو
بعض الأفراد من أين اكتسبها أصحابها ؟
وفيم ينفقونها ؟ وهل هم أحرار، وهي
مقدرات أهل الأرض، أن يحبسوها إذا
شاؤوا !! أو ينفقوها أين شاؤوا !! وكيفما
شاؤوا !! هذه المقدرات المحبوسة
المعطلة في خزائن الأفراد ـ الشركات ـ
الدول أليست هي الوجه الآخر لجوع
الإنسان على الأرض أو حرمانه أو عجزه
عن توفير الضروري من أمور حياته ؟!
ربنا
الذي أنزل الرزق بقدر، جعل هذا الرزق
محيطاً بحاجات من خلق وبرأ وذرأ.. (ألم
نجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً..) (ولو
بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض،
ولكن ينزل بقدر)
تعلن
الولايات المتحدة حربها على الإرهاب
العالمي، لأنه طال فيمن طال بضعة آلاف
من بنيها، وتحرك أساطيلها في شرق
العالم وغربه، وتنفق مليارات
الدولارات بل مئات المليارات لحماية
الآلاف، وحماية الآلاف حق وواجب،
ولكنها لا تنفق مثل ذلك أو بعضه
لمحاربة الجوع، وهو يحصد في كل عام
الملايين من سكان الأرض. نزعم في هذه
العجالة أنه لو أعاد أصحاب الموائد
ترتيب موائدهم على طريقة يدخل فيها
معنى الإنسانية، ومعنى الشريك الجائع
في هذا العالم، لما بقي في العالم جائع
واحد، ولغطت ثروات الأرض أضعاف سكانها.
ماذا
لو حولت ميزانية الترف الاستهلاكي أو
الترف التكنولوجي، أو الترف العلمي،
أو الترف في تصنيع وتخزين المزيد من
آلات الدمار والحرب، إلى برامج
استثمارية حقيقية في تفجير طاقات
الأرض، وتوظيف إمكانات الإنسان ؟!
لماذا
يسعى هؤلاء المغتصبون لقوت الأرض إلى
إغلاق أبواب الحياة في وجوه بنيها،
وفتح آفاق اللهاث وراء المزيد من
المشروعات التي لا تضيف إلا القليل
للحضارة، والتي تضايق على سنن الحياة.
نقدر أن الإنسانية بأقل قليلاً من
الترف ومن وسائل الرفاهية الكاذبة
تستطيع أن ترتقي أكثر ببنيها.
لم
يعد توزيع الثروة، أو تحديد مصارفها
شأناً محلياً يخض الفرد أو الشركة أو
الدولة، وإنما هو شأن عالمي، وهذا ما
يفرضه نظام العولمة، ينبغي أن يشارك في
تحديد مناهجه ووضع أولوياته واقتراح
آلياته أبناء الإنسانية أجمع، فذاك
الذي يعبث بطبقة الأوزون التي فوق رأسي
بمخلفات صناعته وإنتاجه قد تسبب
مباشرة بتصحر أرضي وإحراق محصولي،
وبتجفيف ينابيعي، فعليه بالتالي أن
يتوقف أو أن يدفع الثمن.
العولمة
لا يمكن أن تكون جسراً أحادي الاتجاه،
يغرقنا فيه الأغنى والأقوى، أو يجردنا
من خلاله حتى من مضغة خبز أو جرعة ماء.
ما
أنفقته الولايات المتحدة، وحلفاؤها في
الحملة على أفغانستان ومن ثم العراق،
كان يمكن أن يكون أساساً لمشروع تنمية
إنساني يغير وجه الأرض بالحياة
والنماء والحب، وليس بالموت والكراهية
والدمار.
10/07/2003
|