برق
الشرق
الإصلاح
السياسي .. خط أحمر أمريكي
لن
تجرؤ الإدارة في سورية على مقاربة
الإصلاح السياسي الداخلي، أو الانفتاح
على القوى الشعبية، أو بناء مؤسسات
المجتمع المدني. ستعتبر الولايات
المتحدة جميع هذه الخطوات موجهة ضدها
لأكثر من سبب، وستسحب كثيراً من شهادات
حسن السلوك التي تجعلها تغضي عن كثير
من معاندات دمشق.
تريد
الولايات المتحدة أن تبقي الإدارة
السورية، كما هي الآن، معزولة شعبياً،
محاصرة في أطرها الفئوية والحزبية،
خاضعة لتهديداتها وإملاءاتها
اللامتناهية.
وهكذا
تبقى الإدارة السورية في حالتها
الراهنة (اللقمة) الأقرب والأسهل،
ولاسيما وهي تقدم للإدارة الأمريكية
منظومة الذرائع التي توفر الغطاء
اللازم لتنفيذ أي تحرك قد يراه
محافظوها الجدد.
فالنظام
الشمولي، البعثي، القائم على الحزب
الواحد، وما يرتبط به، وينبثق عنه
من سياسات قامت على التفرد
والشمولية الايديولوجية المناقضة
لحقيقة المشروع الرأسمالي الأمريكي،
كل تلك المعطيات تعتبرها الولايات
المتحدة منافذ للتدخل ستحتسب أي
محاولة لإغلاقها سلباً على الإدارة في
دمشق. فسد الذرائع حركة تحصين وطني
تعتبر موقفاً مضاداً في حرب واشنطن
الواعدة.
من
جهة أخرى فإن كون مخرجات أي تجربة
ديمقراطية على صعيد المجتمع السوري لن
تكون في مصلحة السياسة الأمريكية ؛
تفضل الولايات المتحدة نظاماً
استبدادياً، تحت السيطرة، على نظام
ديمقراطي أو نصف ديمقراطي يخرج على
سياساتها، ويعطل مخططاتها التي ماتزال
الإدارة في سورية تجد مساغاً للتعامل
الإيجابي معها، والالتزام بالأحمر
والأصفر من دوائرها. السواد الأعظم من
أبناء المجتمع السوري ينتمون إلى
مدارس سياسية وفكرية مرفوضة أمريكياً،
بحيث يعتبر الاقتراب من هذه القوى تحت
أي شعار خطوة في الاتجاه المعاكس
للإرادة الأمريكية التي تحرص دمشق في
هذه المرحلة على كسب ودها.
حين
ستحاول الإدارة السورية أن تستقطب
معارضيها ومخالفيها، لتتقوى بهم في
موقفها، سيفهم هذا من قبل الولايات
المتحدة على أنه مبادرة لقطع الطريق
عليها، لكي لا تجد على الساحة السورية
بعض من تتكئ عليه في حربها التطويعية
الباردة مع حكام دمشق.
يؤكد
حكام دمشق دائماً للولايات المتحدة
على أنهم الأكفأ والأقدر على رعاية
مصالحها، وتحقيق أهدافها، وتمرير
مخططاتها ؛ ولذا فلا يمكنهم أبداً أن
يتخذوا خطوة حمقاء تثير عليهم سيد
العالم !! وهذا ما طال انتظاره من شعب
سورية.
ومع
أن المعارضة السورية بكافة أطيافها
المعتبرة قد قررت بوضوح وجلاء أنها لا
تقبل أي دور خارج الملعب الوطني. إلا أن
الولايات المتحدة تصر على إبقاء هذه
القوى كلاعبين احتياطيين، وتفرض على
الإدارة السورية ألا تفكر بالاقتراب
من أي لاعب قد يكون له دور مستقبلي.
التوازن
القائم بين الإدارتين السورية
والأمريكية يدفع ثمنها الإنسان السوري
من لحمه ودمه وعصبه، كما من مشروعه
الوطني السياسي والتنموي.
إن
المنتظر من المعارضة السورية أن تبادر
إلى فرض نفسها لاعباً قوياً على الساحة
الوطنية لزلزلة الركود المختبئ في
عباءة التوازن، وقطع الطريق على
المراهنين على مستقبل الوطن والإنسان.
لا يجوز للمعارضة السورية أن يتلبسها
ثوب اليأس الذي تلبس المعارضة
العراقية للانسياق وراء خيار (لا
إصلاح إلا بفعل القوى الخارجية)، الذي يشترك في
الدفع إليه كل من الإدارتين السورية
والأمريكية.
إن
حركة طلاب جامعة طهران، وهم ينشدون
المزيد من التحرر يمكن أن تكون درساً
لطلاب جامعات دمشق وحلب وتشرين.. كما أن
المثقفين والنخب السياسية في سورية
يمكن أن تبادر إلى حركة وطنية تؤكد أن
التغيير يجب أن يحدث بالإرادة الوطنية
وللمصلحة الوطنية، وأن يكون الوطن هو
المستفيد الأول والأخير منه وفيه.
14
/ 7 / 2003
|