برق
الشرق
الإسلام
.. والغرب
العنوان
الخطأ
(الإسلام)
عنوان لدين سماوي عظيم، يتضمن رسالة
ربانية عالمية، تنطوي على جملة من
العقائد والقيم والشرائع، التي تخاطب
الناس أجمعين. والإسلام في محددات
خطابه العالمي، لا يميز بين أبيض
وأحمر، ولا بين شرقي وغربي؛ لأنه دعوة
متسامية عن التحيز في إطار نوع أو جنس
أو لون أو جهة.
و(الغرب)
اسم لمكان أطلق أصلاً على غرب المتوسط،
بوصفه حوض الحضارات الإنسانية
القديمة، وهو موطن لأعراق وحضارات
وثقافات، متباينة ومتلونة. وبقدر ما
يكون في معنى (الإسلام) من الثبات
والوضوح، فإن في معنى (الغرب) باصطلاحه
المطروح معاني التلون والتباين
والتغير.
وإذا
كانت الديانة المسيحية بتجسدها الغربي
هي المقصودة من قولنا (الغرب)، ولا
نظنها كذلك، فإن مقتضى الحال يتطلب أن
يقال: (الإسلام ـ والمسيحية) وهذا ينجرف
بالعنوان، إلى معاني دينية أكثر
تحديداً وضيقاً من المعنى المطلوب. إما
إذا تمسكنا بمعنى الجهة، فقلنا الشرق
والغرب، فإننا سنجد في المقابل عمومية
إلى حد الميوعة، ولاسيما أن مفهوم (الشرق)
أكثر سعة وانتشاراً من مفهوم (الغرب)،
وهو يشمل خارطة أرحب من هذه المعمورة،
فمنه الشرق الأدنى، والذي هو جزء حقيقي
من الغرب، والشرق الأوسط والشرق
الأقصى، ولا نجد مثل هذه المسميات في
ما يطلق على الغرب.
في
ترميم العنوان الخاطئ الذي كثر الخوض
فيه هذه الأيام، لا بد من تقدير حذف
المضاف على ما يقول اللغويون، ليكون
الحديث عن حوار أو مواجهة بين (أهل
الإسلام) و(أهل الغرب)، ومع أن المعادلة
لا تزال تحمل كثيراً من الاضطراب في
طرفيها. حيث تجدك تتسائل: من هم أهل
الإسلام؟ كما أنك ستحار وأنت تضطرب مع
أهل الغرب في ميادين: السياسة والثقافة
والاقتصاد والحضارة.
(الإسلام والغرب) شعار لحوار
مصطنع، تفرضه قوة من يطرحه،
لا طبيعته الموضوعية. والذين يطرحون
هذا الشعار، هم نفر من أهل الغرب،
يتحسسون حاجة ملحة لتسوية أوضاعهم مع
أهل الإسلام عامة، في عصر ذابت فيه
المسافات، وأصبح اختلاط الناس جزء من
ضرورات الاجتماع البشري. يتجه أهل
الغرب ممثلين بإداراتهم السياسية ذات
التجسدات النخبوية الثقافية والدينية
إلى نوع من الحوار الذاتي، فيختارون من
أهل الإسلام نخباً مستغربة، تعنو
ابتداء وانتهاء لإرادتهم، بدلاً من
الحوار الحقيقي البناء مع الممثلين
الحقيقيين (لأهل الإسلام) في محاولة
تزوير إسلام يخدم مصالحهم.
منذ
أيام كان محرر مرموق في صحيفة مرموقة،
يتحدث عن لقاء من هذه اللقاءات التي
تعنى بشؤون (الإسلام والغرب)، ومع أن
المحرر المرموق نفسه غير مسلم، إلا أنه
دعي مع لفيف ممن ذكرهم لا يربطهم
بالإسلام إلا ألسنتهم وملابسهم،
ليمثلوا أهل الإسلام المغيبين وينطقوا
باسمهم !!
قرن
مضى، والغرب يحاول أن يتجاوز أهل
الإسلام، ومنذ أن نجح في إسقاط الخلافة
الإسلامية، مرجعية أهل الإسلام
العليا، أقام ممثيله أوصياء على (أهل
الإسلام) فقطعوا الأرزاق والأعناق،
وتفننوا في أساليب التننكيل والتطويع
ولكنهم أخفقوا في ذلك، وارتدت
نتائج الإخفاق الذريع على الذبيح
والذابح على حد سواء.
لم
يحاول أهل الغرب أن يستفيدوا من الدرس،
ولا أن يتوقفوا عن تجاهل أهل الإسلام،
أو التجاوز عليهم، بل إنهم مستمرون في
سياساتهم، ودائماً يتوجهون إلى
العنوان الخطأ، ويطرقون الأبواب الخطأ.
ومهما
تكن الدوافع التي تدفع أهل الغرب إلى
الإمعان في الخيار الخاطئ،
فإن مصلحتهم تملي عليهم أن يتعلموا
من الدرس، وأن يطرقوا الباب الصحيح على
أهله، وهم لا يجهلونه ولا يجهلونهم.
وعندها
سينطلق الحوار بين أهل الإسلام وأهل
الغرب، وسيدرك أهل الغرب أن عند أهل
الإسلام الدعوة الحق، إلى الكلمة
السواء.
7
/ 2 / 2003
|