برق
الشرق
الرئيس
بوش
صنَّعتم
لنا الاستبداد ... نريد لكم الديمقراطية
الإدارة
الأمريكية، وبشكل خاص، الرئيس بوش،
غاضبون على العالم العربي والإسلامي.
غاضبون على القادة والحكومات، وهو غضب
مستجد ينضم إلى غضبهم الأصيل على
الحضارة والثقافة والشعوب.
الرئيس
بوش متأكد أن هذه الحكومات التي أعطيت
فرصة نصف قرن لم تنجح في أداء مهمتها
الرئيسية: تغريب المنطقة ؛ تغريب
العقل والثقافة وأنماط السلوك وأساليب
العيش. وهي أي الحكومات على الرغم من
السماح لها، باستخدام الأساليب
الستالينية والنازية والفاشية في
تنفيذ حملة (التطهير) الديني والثقافي،
لمصلحة مشروع التغريب، قد قادت
المنطقة إلى النتائج العكسية، التي
تستحق عليها سيئ الجزاء.
الإدارة
الأمريكية وعبر مقارباتها السياسية
المتعددة منذ 11/9/2001، قد قررت إعادة
النظر في استراتيجيتها في المنطقة،
حرب أفغانستان، ومن ثم احتلال العراق،
ومبادرة باول وزير الخارجية، وعروضات
الرئيس الأمريكية في مقاماتها
المختلفة، ولعل آخرها ما كان بالأمس،
والضغوطات التي تمارس على جميع
الحكومات، كلها تؤكد أن الأمريكان قد
وضعوا استراتيجية جديدة. ولكن هذه
الدلالات تؤكد أيضاً أن الاستراتيجية
الجديدة حسب عناوينها المطروحة ليست
أسعد حالاً من سابقتها !!
الاستراتيجية
الخاطئة التي يتحدث عنها الساسة
الأمريكيون ستحمل إلى المنطقة وإلى
العالم المزيد من الصراع والألم
والمرارة، وأفعال القسوة، وإرادات
الانتقام في دائرة مغلقة من العنف
المتبادل، وإن يكن بين أقوياء وضعفاء !!
علينا
أن نعترف أن زلة الولايات المتحدة هي
زلة للعالم أجمع، إذ أن فعل الدولة
الأقوى، مهما جاء (محدوداً) أو (مسيطراً
عليه)، فإن انعكاساته تأتي دائماً أكبر
مما هو مقدر لها، ومن هنا تأتي خطورة
الخطأ الأمريكي في سياق المعادلة
الدولية والإقليمية. هل نستطيع أن
نطالب بتوازن في السياسيات الأمريكية
بين القوة والحكمة ؟!
وأساس
الخطأ في تصورنا يبدأ من منطلقات غير
حقيقية، قائمة في رؤوس فريق العمل الذي
يوجه الرؤية والقرار في البيت الأبيض.
ذلك الفريق الذي يمثل حالة من التعصب
والانغلاق الإيديولوجي بطريقة تجعل من
العسير حواره أو النفاذ إليه.
وإذا كان من بعض معاني
الديمقراطية التعدد والتنوع ومناقشة
الطروحات الأقل حظاً، في ظاهرها، فإن
من واجب الرئيس الأمريكي أن يعيد النظر
في تركيبة مطبخ القرار لديه0 إن
الديمقراطية ليست فقط صندوق اقتراع
يعطي الرابح فيه حق الاستبداد !! ولا هي
رقابة خارجية شكلية يمارسها أعضاء
الكونغرس ظاهراً على السياسات
المتطرفة والملغومة ؛ إنها روح حقيقية
تسري مع صاحب القرار والسلطان من الألف
إلى الياء، وليس إلى الباء فقط.
إن على الذي يريد أن يحكم (العالم)
أن يجمع العالم كله في مطبخ قراره،
ليرى الأشياء من زواياها المختلفة،
ويفهم القضايا كما يفهمها المؤيدون
لها والمعارضون على حد سواء.
إن
تصحيح الاستراتيجية الأمريكية
بالنسبة لحضارتنا وثقافتنا وإنساننا
سيوفر الكثير من الجهد والنصب والمآسي
والأحزان، وسينفي من أساليب الجميع
القسوة والظلم والعدوان. لا نقول هذا
تعبيراً عن ضعف، ولا استجداء لعطف،
وإنما نقوله عن قناعة ؛ فحملة قيم
السماء وسكان أرض النبوات مهما اشتدت
عليهم العواصف وتتابعت الأزمات باقون
كما الجبال. وكأمواج البحر تلاشت كل
الأمواج التي ضربت هذه الشطآن.
إن أول طريقكم للتعامل مع
هذه الشعوب الاعتراف بها وهذا الذي لم
تفكروا فيه حتى الآن.
12
/ 5 / 2003
|