برق
الشرق
يا
عقلاء العالم اتحدوا
وتدور
دوامة العنف، تطحن ضحاياها، يتغلغل
الألم في الضمير البشري. وتفعل القسوة
فعلها في تحطيم حياة الإنسان، ويتحطم
معها آباء وأمهات وأزواج وأطفال.
ضربة
في نيويورك تقابلها أخرى في مدن
أفغانستان وقراها، في جبلها وسهلها،
وثالثة في العراق تقابلها رابعة في
الرياض وخامسة وسادسة في متوالية
لانهائية يدفع ثمنها دائماً الإنسان.
فهل للحكمة أن تطوق هذا الجنون... جنون
الغطرسة المدججة بالقوة، وآلة الحرب
التي تدوس إرادة الشعوب، وتمتهن
أحاسيسهم، وجنون الطيش المنفعل الفاقد
للتوازن، والمعبر عن اليأس والإحباط
والخوف من العاتي والآتي معاً ؟!
هل
للحكمة في هذا العالم، وما أكثر
الحلماء والحكماء فيه أن يوقفوا مسلسل
القتل هذا، مسلسل الرعب التكساسي الذي
تقطع قسوته القلوب، وتثير الحفائظ،
وتبعث في النفوس الإنسانية السوية
الاستنكار والاشمئزاز بأي جهة ارتبط،
وتحت أي مسمى انطلق ؟!
العالم
ليس استديو في هوليود، وما جرى ويجري
ليس مباراة مصارعة أو ملاكمة يتحزب
فيها المشجعون كل إلى فريق، ثم يتوزعون
إلى مصفق ومسوغ أو مندد ومدين.
ما
جرى في نيويورك وفي أفغانستان، في
العراق وفي الرياض، وما يجري على أرض
فلسطين كل يوم هو (دم بشري)، دم حقيقي.
والأرواح التي تزهق هي أرواح بشر
حقيقيين كتب ربنا سبحانه وتعالى في
التوراة كما في القرآن، ولعل لهذا
الأمر مغزاه (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا
عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن
قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ
فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا
قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا...)
!!
لقد
غدا الضمير البشري مثقلاً بالفرجة على
قابيل يغمس يديه في دم أخيه، وبين
رحيي معركة الشر يهصر الإنسان،
ولهوات الطاحونة العمياء تنادي: هل من
مزيد. والخاسر الأول في هذه الحرب
العمياء هو الإنسان، والنصر فيها لا
يكون بالانسياق في متتاليات الوعيد
والتهديد. النصر في هذه الحرب المجنونة
لن يحرزه الأقوياء، وإنما سيصنعه
للإنسانية العقلاء والحكماء، الذين
خبروا النفس البشرية، وتاريخ العلاقة
بين بني الإنسان.
المواقع
التبادلية في التنديد والاستنكار أو
الشماتة والإشادة، والزهو بالانتصار
الصغير، ولو كان على دولة مثل العراق،
أو على أبرياء مثل سكان مجمع الرياض لن
تضع الإنسانية على طريق الخلاص، الذي
أوله الاحترام وأوسطه الفهم وآخره
التعاون والتعارف الذي من اجله خلق
الله سبحانه وتعالى الناس من ذكر وأنثى
وجعلهم شعوباً وقبائل. وأول الاحترام
احترام حياة الإنسان ثم احترام
خصوصيته: دينه وعقله وعرضه وأرضه.
من
موقع استشعار الخطر الذي تستجره
السياسات الحمقاء وردود الفعل
الطائشة، نتوجه بالدعوة إلى قيادات
العالم الروحية والفكرية والثقافية
والسياسية أن يا عقلاء العالم اتحدوا..
لدرء الشر ومواجهة الطغيان، والأخذ
على يد المسيء أينما كان.
يا
عقلاء العالم اتحدوا.. لتعودوا
بالإنسانية إلى آفاق الرحمة القائمة
على حقيقة أن الخلق كلهم عيال الله وأن
أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله.
ولأسر
الضحايا الأبرياء حيث ضربت القسوة
وتمادى الألم...
أحـر
العـزاء
15
/ 5 / 2003
|