جدار
الإسمنت وجدار الإرادة
يقف
العرب حائرين بائرين أمام الجدار
العنصري الذي يقيمه شارون على الأرض
الفلسطينية. فيزيد من المعاناة
اليومية لأبناء الشعب الفلسطيني،
إضافة إلى جملة الأبعاد السياسية
والديموغرافية لهذا الجدار.
الإنسان
الفلسطيني هو أسير بأيدي العصابات
الصهيونية، وهو حين يبذل جهده في
المقاومة، لا يخفى عليه اختلال موازين
القوى، إذ لولا هذا الاختلال لما وجد
الاحتلال، ولما كانت هناك مشكلة على
أرض فلسطين أصلاً.
حين
تطرح القضية الفلسطينية في إطارها (العربي)
و(الإسلامي) يتظاهر كثير من المسؤولين
العرب بالإشفاق على الشعب الفلسطيني،
والعجز عن تقديم أي عون عملي له. والعجز
الذريعة غدا مشجباً يتكئ عليه كل الذين
لا يريدون أن ينخرطوا في سياق مقاوم
ولو بأقل القليل من الجهد والمسؤولية !!
لقد
علمتنا التجارب أنه لا الجمعية العامة
للأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن، ولا
محكمة العدل الدولية، ولا المجموعة
الأوروبية، ولا الرأي العام العالمي
المساند ؛ يمكن أن ينتزع من شارون
وعصابته تنازلاً ولو
قيد أنملة، وإنما الذي يكسر إرادة
شارون هو رفات جندي صهيوني أسير، كما
أثبتت تجربة حزب الله الأخيرة في عملية
تبادل الأسرى.
ثم
ليس صحيحاً أن العرب لا يملكون أسلحة
استراتيجية يدافعون بها عن وجودهم،
حتى في ظل السيطرة الأمريكية على
الواقع الدولي، كما أنه ليس صحيحاً أن
العرب لا يملكون إلا البترول الكنز
الذي تفجر في أراضيهم ليكون بأيديهم
كعصا موسى عليه السلام تعد لكل الخطوب،
ثم تنقلب في لحظة إعجاز إلى حية تسعى.
الخيارات
العربية والإسلامية لمواجهة الجدار
الشاروني العنصري كثيرة لمن أراد
الفعل، وإذا كنا نرفض أصلاً أن يكون
بين الكيان الصهيوني وأي دولة عربية أو
إسلامية غير المقاومة والرفض ؛ فإننا
نتساءل هنا لماذا لا ينتصب جدار
الإرادة في وجه جدار الإسمنت ؟! ولماذا
لا يفرض الحصار السياسي والديبلوماسي
على الخلية السرطانية الصهيونية كما
يحاول شارون أن يفرض ذلك على
الفلسطينيين ؟ لماذا لا تعود الأمة
أجمع إلى سياسة العزل والمقاطعة.. كما
كان الأمر منذ عقود وقبل أن تطل علينا
كامب ديفيد الأولى بكل لأوائها.. ؟!
قد
يقال قد جربنا هذا فماذا أجدى ؟ وفي
الحقيقة إن العودة إليه اليوم سترسل
رسالة خطيرة إلى أصحاب المشروع الذين
يظنون أنهم قد أحرزوا انتصارات
باختراقهم الجسد العربي والإسلامي في
باكستان وقطر وموريتانيا وتركية.
سيشعرون أنهم، باسترسالهم في إقامة
الجدار، يحكمون على أنفسهم بالاختناق
في مربعهم الأول.
الإنسان
العامل هو الذي لا يعجز عن إيجاد رقعة
لكل خرق، حتى في هذا العصر الذي اتسع
فيه الخرق على الراقع، والعاجز من أتبع
نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
9
/ 2 / 2004
|