برق
الشرق
يوم
الجلاء
يوم
التأسيس
دولة
الرفاهية أو دولة القوة
كان
الجلاء، ومازال، يوماً وطنياً مليئاً
بمشاعر الزهو والخيلاء، يظل هذا اليوم
سؤالاً يتردد: أين الأعاجم ؟ ويجيب
شفيق جبري
(أين
الأعاجم) لا حلوا ولا رحلوا
وكان طيفَهم في الشام مفقود
كان
الجلاء يوم حصاد وطني لجهد استغرق
الخارطة الإنسانية والثقافية للشعب
السوري أجمع، فتحقق خلال ربع قرن، كان
هو عمر الاستعمار الفرنسي في سورية،
الهدف. ووقفت الدولة العربية الفتية
على قدميها تتطلع قدماً إلى أماني
عظام، يقدر إنسان هذه الأمة ببعده
الرسالي أنه أحق بها وأهلها.
غاب
الأعاجم عن الشام، ولكن طيفهم كان غير
مفقود كما ظن الشاعر وأمثاله كثير.
ولقد تمثل هذا الطيف في ظل ثقافي فكري
لم يلبث أن تجسد في آخر سياسي، ثم تحول
إلى واقع معاش يهوم بالقطر في دوامات
التيه.
تمثل
طيف الاستعمار في وعد هلامي رخو ومحبط
يمكن أن نسميه (وعد الرفاهية) بكل
عناوينها ومشتقاتها. وغاب عن لحظة
التأسيس في يوم الجلاء وعد القوة
والعزة والجد والعمل والإتقان والصبر،
وتقدم بالوعد الهين البراق أناس
أحاطوا بأبعاده المريبة، واستجر إليه
آخرون بغفلة أو سوء تقدير. كان هذا
التأسيس المريب هو الذي رسم الخلل في
رأس الزاوية وقاد إلى ما تعيش الأمة
اليوم من ذلة وهوان فعاد الأعاجم إلى
بغداد، وبدأ الغزاة يدقون أبواب دمشق !!
وعلى
الرغم من أن وعد الرفاهية لم يتحقق،
إلا أنه كان موطئ مزلة ومذلة للمشروع
الوطني بأسره، ومفارقة منكوسة في
البناء الحضاري. حيث كانت محاولة رفع
البناء قبل وضع الأساس !!
نصبنا
أمام أعيننا ثالوث: الجهل والفقر
والمرض، وهو ثالوث مزر بحق، ولكننا لم
نتحدث عن ثالوث الذل والاستكانة
والتعلق بقريب العَرض، وكان حلم (الرفاهية)
هو المسيطر، هو المنطلق والهدف. خفنا
الفقر وسعينا عراة إلى الغنى !! نسينا
قوله تعالى (الشيطان يعدكم الفقر..)
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما
الفقر أخشى عليكم..) ولكننا خفنا وعد
الشيطان، فتهنا في دوامة ما لها من
قرار.
كان
تعليقنا بحلم الرفاهية هو البعد
الثقافي في طيف الأعاجم. عندما استقبل
الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله
وزير الخارجية الأمريكية (هنري كيسنجر)
بعد حرب /73/ في خيمة عربية، وأخبره أنه
مستعد أن يعود بالمملكة إلى (الأسودين)
قُتل فيصل بن عبد العزيز، لأنه وضع
إصبعه على المربع الأخطر.
خيارنا
بين دولة القوة والعزة، وبين دولة
الرفاهية، ولكل دولة مقدماتها
ومدخلاتها واستحقاقاتها ومقتضياتها،
يستحق بعد نصف قرن المراجعة الشمولية
من الجميع.
نصف
قرن ضربنا فيه في تيه الرفاهية لنجد
أنفسنا من جديد في نقطة البداية يخيم
الاستعمار على أرضنا في العراق كما في
فلسطين.
دولة
القوة أو دولة الرفاهية أي الدولتين
نريد ؟!
دولة
الرفاهية، التي لن ننالها، مهما لهثنا
خلفها، إلا منقوصة مغلفة بالذل
والتبعية. ودولة القوة، ليست أمنية ولا
حلماً، إنها طريق شاق، يبدأ من الفرد،
فالأسرة، التي يهددها، الوعد
الأمريكي، فالمجتمع فالدولة.. مشروع
طويل أكد عليه أولو الفضل الغرباء في
أوطانهم. حققه محمد ابن عبد الله صلى
الله وسلم عليه في ربع قرن من حياة
الأمة. بنى الإنسان وأسس دولة القوة،
فكانت الطريق إلى دولة الرفاهية التي
نحتت أثلة دولة القوة في جدلية محفوظة
عند علماء الحضارات.
في
ذكرى الجلاء، ونحن ندخل حقبة استعمار
العولمة والحداثة نحن مدعوون جميعاً
إلى إعادة تقويم رحلة قرن مضى، وليذكر
الذين مازالوا يلوحون لأمتنا بالرغيف
قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (ما
الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح
عليكم الدنيا كما فتحت على الذين من
قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم
كما أهلكتهم).
مشكلة
الذين طرحوا دولة الرفاهية هدفاً
ومشروعاً، تصوروا أن بإمكانهم أن
يجنوا الثمرة دون أن يزرعوا الشجرة.
فكانت النهاية عود بالأمة إلى نقطة
البداية.
في
يوم الجلاء من يعطي هذا اليوم معناه ؟!
17
/ 4 / 2003
|