برق
الشرق
الكتابة
بالحبر الأمريكي
في
الحقبة الأمريكية، انفض كثير من (الخواة)
عن نقاط ارتكازهم المحلية، ليحلقوا في
عوالم تبدو لهم أخصب وأرحب، وقفزوا من
مواقع المهادنة التي كانوا يزينون،
إلى موقع المداهنة، (لاحظ جناس
الاشتقاق)، لينزلقوا إلى وهدة الملق،
واسترضاء من (لا يرضى حتى..). ولا
يبالون أن يشاقوا شعوبهم المستضعفة
والمغلوبة على أمرها، فيرمون أبناءها
بالتعصب والانغلاق والجهل أو يتوجون
ذلك بتعميمها عقيدة وتاريخاً وحاضراً
عمامة الإرهاب.
قبل
أن تكون /كامب ديفيد/ الأولى، التي كانت
سحاب هذا المطر الفاجع الأسود، لم نكن
نسمع مثقفاً عربياً (يجرزم) بأحاديث
الريبة، والدعوة إلى التنازل عن النصف
للاحتفاظ بالآخر!! وقبل أن يجف حبر
السادات عن معاهدته، كشف
الكثيرون ممن كانوا يحتلون في
أمتنا مواقع الصدارة والتأثير منخرطين
في (كامب ديفيد) خاص بهم منذ أن كانت
القضية، كتاب وأدباء وصحفيون ومفكرون،
كلهم كانوا يوطئون الطريق أمام
السياسي (الجريء) ليسهلوا عليه قرار
العبور بالأمة من حال المهادنة إلى
واقع الاستسلام.
كان
هؤلاء دائماً جنود العدو المجهولين في
صفوفنا، ومازالوا يتسترون تحت الأقنعة
فريق يخلف فريقاً. وهؤلاء لا يعملون
على محور السياسة فقط فمدرجتهم تمتد من
عالم السياسة إلى عالم الفكر والثقافة
والفن فهم يمتدون من البيت الأبيض إلى (هوليود)
يحملون نفس الرسالة الفكرية والسياسية
والاجتماعية. وهي رسالة ذات خلفية
توراتية محرفة وأفق رأسمالي بشع وجشع
!!
مايزال
في عالمنا المنكوب ببعض أبنائه كتاب
ومثقفون، وظفوا أقلامهم على جبهتين
الأولى
تكريس الوهن في بنية هذه الأمة، ونشر
الإحباط واليأس بين أبنائها وتحقير
الذات وتعظيم الآخر. والثانية دلالة
العدو على موضع الثغرة في البنيان
ليتسلل منه، وعلى موطن القوة ليقمعه
ويسحقه ؛ وبين هاتين المهمتين يبقى
لهؤلاء المُزيَّفين تزوير تمثيل الأمة
والحديث باسمها، ويظنون أنهم بما
امتلكوا أو مُلّكوا قادرون على اغتصاب
هذه الأمة، ومصادرة إرادتها.
بفعل
هؤلاء العائمين على السطح، المغيبين
لقوى الأمة الحقيقية، ماتزال القضايا
العربية الكبرى معتمة، ودائرة الضوء
التي يتحرك فيها هؤلاء، إنما تصدر عن
فانوس الإدارة الأمريكية السحري.
وهكذا طوي حديث المقابر الجماعية
ومايزال يطوى عشرات السنين، والإدارة
الأمريكية وحدها هي القادرة على فتحه
عند هؤلاء، لا مشاعر الإنسانية ولا
القيم الموضوعية ولا علاقات الرحم
والعقيدة والجوار.
الكتابة
بالحبر الأمريكي مهنة جيل من
المتصدرين يزاولون مهمة إفساد الأمة،
وتسليم قيادها لعدوها. كتاب ومؤسسات
وصحف وإذاعات وحكومات كلهم يسيرون خلف
الإدارة الأمريكية ما شاءت حتى إذا
أومأت إليهم وقفوا..
26
/ 9 / 2003
|