برق
الشرق
كيف
تحررت الجزائر
درس
للعراق.. وفلسطين
تحررت
الجزائر من استعمار استيطاني بغيض..
ينبغي أن يذكرنا مصطلح استيطاني بوجود
اليهود على أرض فلسطين. غزاة ينزلون في
أرض، يتملكون الحقل والبيت والمصنع،
ويفرضون أنفسهم بقوة السلاح. كانت
فرنسا الدولة العظمى يومها تزعم أن
الجزائر ولاية فرنسية، كما يزعم يهود
فلسطين اليوم !!
استمر
الاستعمار الفرنسي للجزائر مائة
وثلاثين عاماً. أتت سياسة (الفرنسة) على
الكثير: اللغة والثقافة وأنماط العيش..
وبعض القيم أحياناً. كان كل شيء يتم وفق
سياسة تذويب ممنهجة يمارسها قوي متقدم
على ضعيف متخلف..
أخفقت
ثورات جزائرية عديدة منذ ثورة الأمير
عبد القادر الجزائري إلى ثورة أولاد
سيدي الشيخ إلى ثورات أخرى شهدتها
الجزائر عبر قرن وثلث قرن من عمر
الاستعمار. وكانت لهذه الثورات
ضحاياها، وكان سياسات البطش والقسوة
التي يتتبعها الفرنسيون في إحراق قرى
بأهلها تملاً قلوب الكثيرين بالألم
والفاجعة.
بالنسبة
لجيلنا عايشنا ثورة الجزائر الأخيرة
التي انطلقت في أواسط الخمسينات لتحقق
التحرر التام سنة 1961، وتحظى الجزائر
باستقلالها.
كنا
يومها طلاباً في المرحلتين الابتدائية
والإعدادية كنا نشارك جميعاً كأطفال
في هذه الأمة في عملية التحرير. كان ضمن
البرنامج اليومي للأناشيد القومية
والذي يأتي بعد النشيد الوطني: حماة
الديار. والنشيد الفلسطيني: فلسطين
نادت فلبوا النداء. النشيد الجزائري:
قسماً بالنازلات.. والذي نختمه بقولنا:
وعقدنا
العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا
فاشهدوا فاشهدوا
لم
يكن قطرنا العربي السوري مقموع في قمقم
حزبي ضيق كما هو الحال عليه اليوم.
ومربط
فرسنا في هذا المقام أن الأمة من
أقصاها إلى أقصاها من طلاب المدارس
الابتدائية إلى أعلى وحدة سياسية أو
ثقافية أو فكرية في المجتمع كانت تعيش
القضية الجزائرية والهم الجزائري.
رئيس الدولة ورئيس الحكومة
والوزير والمدير والمثقف والإعلامي..
الكل يدفع في اتجاه واحد، ويرمي عن قوس
واحدة: دعم المقاومة ورفض الاحتلال ومد
يد العون المادي والمعنوي للثوار.. لم
يكن في الأمة كلها سياسي واحد، يمكن أن
يقارب الحديث في غير اتجاه المقاومة
والمقاومة فقط إسناداً وتأييداً
وتحبيذاً.
حدث
صغير في الجزائر.. كان كفيل أن تنطلق
الجماهير من المدارس والمعاهد
والجامعات تندد بالاستعمار وتطير
العرائض والبرقيات التي تجمع نفقة إرسالها من جيوب صغيرة (فرنك.. فرنك..
يا شباب). لترسل إلى الرئيس الفرنسي أو
إلى الأمين العام للأمم المتحدة..
تحررت
الجزائر بزنود أبنائها وبتضحياتهم
وبصبرهم على اللأواء والضراء. وبدعم
معنوي غير محدود تقدمت به الشعوب
العربية.. وبدعم معنوي ومادي تقدمت به
الحكومات العربية.
نتذكر
درس الجزائر اليوم ونحن نلمح الساحة
تعج بالمخذلين والمثبطين والمتفلسفين
الذين يفلسفون الانبطاح والهزيمة
والذلة، وكلما سمعوا داعية مقاومة أو
جهاد.. مطو الشفاه وزموها..
10
/ 11 / 2003
|