ليس
دفاعاً عن الخطأ
ولكنه
ثمرة السياسات الأمريكية
عندما
وقعت أحداث 11/9 المستنكرة، شهدت
الولايات المتحدة والغرب أجمع موجة من
ردات الفعل الفردية تمثلت في العدوان
على بعض العرب والمسلمين بالقتل أو
الضرب أو الاحتقار والمضايقة، إلى
جانب ردات فعل رسمية بقوانين وإجراءات
خارج الشرائع والأعراف بحجة أن القوم
هناك يريدون حماية أنفسهم فصنفوا
الناس واعتقلوا وسرحوا واحتجزوا إلى
آخر تلك الإجراءات التعسفية.. الغريب
أن أحداً في عالمنا لم يطلق على تلك
الأفعال وصف (الإرهابية) ولم يصنف تلك
السياسات في خانة السياسات الإرهابية
التي تتجاوز المنطق والعدل والحق.
ولقد
مر وقت طويل والقادة السياسيون العرب
أجمع يحذرون من الحصاد المر للسياسات
شديدة الانحياز التي تمارسها (الدولة
الأعظم) ضد العالم العربي والإسلامي ضد
الدولة والإنسان، مستغلة ظروف
المنطقة، وضعفها الاستراتيجي،
والقدرة العالية التي تتمتع بها تلك
الدولة، مجردة من الحكمة والنظر في
العواقب.
كان
القادة السياسيون، والنخب الفكرية
يحذرون من عواقب تلك السياسات على
استقرار المنطقة وعلى مستقبل العلاقات
البينية بين الأنظمة وشعوبها من جهة،
وبينها وبين شعوب العالم من جهة أخرى.
من
غير أن نبدو في مقام من يبحث عن مبررات
للخطأ، يجب علينا أن نعترف أن ما جرى
ويجري في أكثر من قطر عربي وإسلامي ما
هو إلا ثمرة للخطيئة الأمريكية
الكبرى، التي تتمثل في سياسات
الإرهاب، وحقن الشعوب بالكراهية في
ممارستها عليهم، واستباحة دماء الناس
وسلب أموالهم وأراضيهم.
الرئيس
بوش مثلاً لم يجد حرجاً من أجل أن يعود
أربعة أعوام تالية إلى البيت الأبيض أن
يبارك مقتل الشيخ أحمد ياسين ومن ثم
عبد العزيز الرنتيسي ومن ثم أن ينزو
على الشرعية الدولية، فيسقط حق
الفلسطينيين بالعودة، والقرار /242/ دون
أن يفكر في عواقب موقفه وانعكاساته!!
القوات
الأمريكية احتلت العراق بذرائع واهية
وهي تستبيح اليوم مدنه وقراه وحرماته
بذرائع أوهى، وشارون البشع يمارس دوره
الدموي الكالح المبرقع فقط بالوقاحة
الأمريكية. والشعوب التي تسام الخسف
والذلة والهوان مرجل يغلي، فهل عجب أن
نفاجأ بالتفجيرات عن يمين وشمال؟!
إن
استنكارنا الأساسي للعدوان على
المدنيين في كل مكان، ولطرائق
الانتقام من الذات التي يوقعها بعض
المحبطين واليائسين في أهليهم وشعوبهم
لا يجوز أن يدفعنا إلى الغفلة عن تأطير
هذه الأفعال في إطارها العالمي
والإقليمي.
ومن
هنا أيضاً يأتي تقديرنا للدعوة
الراشدة لبعض القادة العرب بضرورة
المبادرة إلى البحث عن الحلول
السياسية دون الأمنية.
مواطنونا
الخارجون علينا، هم ضحايا الإرهاب
العالمي الذي يمارسه علينا
المتغطرسون، وهم أولى بالإرشاد
والشفقة والمساعدة الفكرية والنفسية
حتى تخرج مجتمعاتنا سليمة مستقرة إلى
بر الأمان.
29/4/2004
|