برق
الشرق
مؤشر
إيجابي .. ولكـن
العاصفة
التي شهدها مؤتمر القمة العربي على
الهواء مباشرة، حملت للمتابع العربي،
على سلبيتها الظاهرة، دلالات إيجابية
كانت موضع نظر بالنسبة إلى الكثيرين.
فلقد
رأى المتابع العربي بعينه وسمع بأذنه
القادة العرب يغضبون، وتأكد أنهم
يمتلكون انفعالات وأحاسيس تتفجر
أحياناً، كما يتفجر هو يومياً، وهو
يتابع نشرات الأخبار التي يصنعها
هؤلاء الحكام أنفسهم.
لقد
أثارت تصريحات رامسفيلد وزير الدفاع
الأمريكي حتى رئيس الوزراء الإسباني (أثنار)
فقال: ليته سكت، ولكنها لم تثر حاكماً
عربياً ليحتج عليها، أما المواطن
العربي فيثيره ليس فقط كلام رامسفيلد،
وإنما أيضاً كلام بوش وباول، وفعل
شارون، وكلام بعض المسؤولين العرب
أيضاً.
ربما،
فيما نظن، أن أحاديث باول عن إسلام
أمريكي، أو عن الديموقراطية الأمريكية
المفروضة، أو عن العراق المنزوع
السلاح، أو أحاديث بوش عن الحرب
الصليبية، أو عن (خارطة الطريق) التي
كانت عرضاً أمريكياً فغدت مطلباً
عربياً، وربما فيما نظن أيضاً أن
مشاهدة الدم الفلسطيني المسفوك،
والأشلاء الممزقة، والأطفال يقضون في
أعمار الزهور، والبيوت تهدم على رؤوس
ساكنيها؛ كل أولئك وهؤلاء أشد إثارة
للغضب والانفعال من مؤتمر القمة، ومن
كل ما جرى فيه، إن كان في الأمة حقاً من
يعرف الغضب!!
الغضب
غريزة إنسانية فُضلى، في سياقها، تدفع
عن الإنسان الهوان، وقبول الضيم،
والنزول على خطة الخسف التي قال فيها
المتنبي يوماً:
ويْلمهـا
خطـة ويلم قابلهـا
لمثلها خلق المهرية القـود
كما
قال فيها عربي آخر:
ولا
يقيم على ضيـم يـراد بـه
إلا الأذلان: عير الحي والوتد
هذا
على الخسف مربوط برمته
وذاك
يرمى فلا يُشجى له أحد
أليست
خطة الخسف، أو الإقامة على الضيم هي
هذا الذي تسومه أمريكا لهذه الأمة
حكاماً ومحكومين ؟!!
الجماهير
العربية كانت تنتظر من القمة العربية
أن ترفض الإقامة على الضيم، وأن تقول
لا لخطة الخسف، وإلاّ، ثم يكون بعد (إلا)
بعض مقتضيات الغضبة للذات المهانة،
والأمة المستباحة، بمواقف تحرك وزراء
الدفاع والخارجية ووزراء الطاقة
الاقتصاد.
كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم
الناس، وأحلم الناس، حتى تنتهك حرمات
الله، فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم
لغضبه شيء، وكان إذا غضب كأنه منذر جيش
يقول: صبحكم مساكم..
وهذه
الأمة اليوم تنتهك عقيدةً وحضارةً
ووجوداً، فمن يغضب لها غضبة تقول
للأمريكان: صبّحكم ومسّاكم ..
4
/ 3 / 2003
|