المجتمع
المدني العربي
(حتى
لا يقاد رئيس عربي آخر)
يتنادى
النقابيون العرب: محامون وأطباء
ومهندسون وأدباء وفعاليات متكاثرة ،
للوقوف في وجه العدوان الأمريكي على
الحقوق السياسية والإنسانية للرئيس
العراقي السابق صدام حسين. وللحق نقول
جميل ما تقوم به هذه الفعاليات، بل هو
بعض الحق والواجب لأن (صدام حسين) بغض
النظر عن الموقف التقويمي لشخصه
وممارساته وأساليب حكمه، يبقى (إنساناً)
يجب أن تتوفر له كل مستحقات الكرامة
الإنسانية، كما يبقى (رئيساً) عربياً
سابقاً تتفق أوتختلف معه، إلا أنك مضطر
أن تعترف أنه شكل رمزاً واضح البصمة في
حقبة من تاريخ العرب الحديث.
جميلة
حركة المجتمع المدني العربي، ومباركة
مبادرة الفعاليات العربية، وإيجابي
انتداب طائفة من المحامين العرب
أنفسهم للدفاع عن (صدام حسين) (الإنسان)،
وعن صدام حسين (الرئيس)، بغض النظر عن
المواقف والتقويمات، ولكن...
ولكن
أليس من الحق، ونحن ندين دائماً من
يكيل بأكثر من مكيال، أن نتساءل عن دور
هذه الفعاليات العربية في الدفاع عن
المواطن المستضعف الذي هصرته الأنظمة
المستبدة، وتغولت على حقوقه الإنسانية
والآدمية ؟! أليس من واجب هذه
الفعاليات أن تحمل عبء الإنسان حيثما
كان، وبأي يد ظلم أو هضم على كاهلها،
وتجعل قضية الانسان همها
الأول يستوي في نيل قسطه من اهتمامها
الكبير والصغير والرئيس والمرؤوس ؟!
لن
نقول أين كانت هذه الفعاليات يوم حفرت
المقابر الجماعية في أكثر من قطر عربي؟!
. ولن نقول أين كانت هذه الفعاليات يوم
امتهنت آدمية الإنسان وطمست شخصيته
وضيعت حقوقه.. حتى صارت مهانة الإنسان
العربي وذله واستسلامه وخنوعه
للمستبدين مضرب الأمثال عند شعوب
الأرض ؟! وحتى صح أن يقال: أذل من عربي !!
لن
نقول أين كانت تلك الفعاليات ؟ لأن
السؤال يحمل معنى التثريب والإدانة..
ولكننا سنقول هكذا فلننطلق جميعاً في
الدفاع عن الإنسان المستضعف والشرف
العربي، وستكون هذه المبادرة إيجابية
ومباركة يوم تحمل على كاهلها عبء
الإنسان المستضعف في كل مكان.. يوم
تنادي بإسقاط كل ذرائع المستبدين
وتعلاّتهم لظلم الإنسان,, أو لحفر قبر
جماعي، أو لبناء زنزانة رطبة، أو لبناء
سور حديدي حول الأوطان.
نبارك
مبادرة الفعاليات العربية للدفاع عن
الإنسان العربي حيثما حل وأينما كان..
ولكن الدفاع عن إنسان دون إنسان كان أس
الداء ومازال.. ونؤكد أن المطلوب من
المجتمع المدني العربي، منذ اليوم، أن
يتوقف عن مزاولة المهنة التي اعتاد في
رفع برقيات الشكر والإشادة والتقدير
والتثمين لقادة لم يحسنوا إلا العدوان
على حق الإنسان.. وليتحول هذا المجتمع
إلى حارس حقيقي على قيم المروءة والشرف
والحق والعدل في عالمنا العربي. وإذا
كنا نضج استنكاراً لاعتداء أمريكي على
إنساننا وقيمنا، فيجب أن نكون أكثر
ضجيجاً يوم تمتد يد آثمة من بني جلدتنا
بالعدوان علينا..
حتى
لا يقاد رئيس عربي آخر بيد المحتل
الأمريكي يجب على قادة المجتمع المدني
العربي أن يسقطوا كل ذرائع الصمود
الواهية التي تمترس وراءها الذين لم
يصمدوا ولن يصمدوا ساعة، وسيكون حق
الإنسان الفرد والجماعة هو الحق
المقدس الأول الذي تتساقط دونه كل
الذرائع والتعلاّت.
18
/ 12 / 2003
|