آخر تحديث يوم الخميس 15 - 01 - 2004م

.....

مؤتمـر بروكسـل

قهر.. وعجز.. وعقوق

يلتقي في بروكسل في 15/1/2004 لفيف من السوريين في إطار حركة معارضة، تسعى فيما تعلن إلى سورية حرة وديموقراطية.

لم تخف هذه المعارضة في لقاء لها سابق عقد في واشنطن عن ربط معادلتها بالمعادلة الأمريكية في محاولة لتدعيم حاضرها وفتح الأفق لطموحات المستقبل. تمضي هذه المعارضة شأواً أبعد من العلاقة مع واشنطن، حين تمتد كلماتها إلى الدوائر الإقليمية لتعلن انحيازاً واضحاُ إلى آمال العدو الصهيوني وآلامه. في موقف معارضة واشنطن كما اصطلح على تسميتها يلحظ المتابع العديد من الملحوظات.

إن الكثيرين من الذين يتحركون في فلك هذه المعارضة يلفهم (القهر)، الذي يودي بهم في وادي الظلمات.. هذه الملاحظة ليست للإدانة ولا لالتماس العذر، وإنما هي لتقرير الواقع، والسعي لتدارك الأمر، بسد باب الذريعة، وإغلاق الباب الذي يتسلل منه الشيطان، أو النافذة التي تهب منها الريح.

قد يقال، ولكن الساحة تعج بآلاف المقهورين، وما كل مقهور ارتضى لنفسه أن يكون مسنناً في دبابة تستعد للعدوان على داره، لتهلك فيها الحرث والنسل. وتقول الحقيقة الأخرى: (ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم..) ينبغي ألا يغيب أن التركيبة الفردية أو الشخصانية التي تلتقي في بروكسل تجمع إلى القهر العجز، وضعف الثقة بالنفس، والشعور بحالة من انعدام الوزن، نتيجة لضعف الجاذبية الوطنية التي تؤثر في ضعفها عوامل كثيرة لا تخفى.

القهر والعجز قادا إلى اليأس، واليأس قاد إلى هذه الحالة من (الانتحار الوطني) أو (العقوق الوطني) الذي كنا نتمنى ألا يكون. في رؤيتنا الوطنية، ونحن أيضاً نتحدث من تحت قوس القهر نتمنى أن نمتلك جميعاً القدرة على قطع الطريق على اليأس الذي يقود إلى الانتحار.

من السهل أن يتقاذف الناس الاتهامات، أو يتنابزوا بالألقاب، وأن يخوضوا غمرات الادعاء، وأن ينبذ كل فريق مخاصمه على سواء ؛ ولكن الحقيقة الوطنية تأبى ذلك، ولهذه الحقيقة الوطنية في هذا السياق وجهان الأول يؤكد أن العقوق الوطني كبيرة الكبائر، وأن الوطن ليس حكومة ولا حزباً ولا فئة ولا فرداً.. حتى نضاره بمضارة هؤلاء. وأن الشرف الوطني عزيز ومقدس لا ينبغي أن يكون مادة للمساومة أو المناورة، وهذه الحقيقة تفرض علينا أن نبادر إلى الأخذ على يد من يفكر بذبح الكبش لينال مزعة من شحمه أو لحمه.

وفي المقابل تفرض الحقيقة الوطنية ألا يترك سوري واحد يأنس لعواء الذئب، أو تضطرب رؤيته في ضباب العاصفة، أو أن يشعر أن سهمه من شمس وطنه قد أصابه الكسوف، وأن حظه من قمره قد ابتلعه الحوت. في الحديث الشريف: (لا تعينوا الشيطان على أخيكم) وفيه (رحم الله أبا أعان ولده على بره).

يوم عقد مؤتمر الميثاق الوطني في لندن، والذي كان من أغلظ مواثيقه رفض الاستقواء بالأجنبي على الوطن.. تمنينا أن يكون انعقاد المؤتمر على أرض الشام. واليوم، على الرغم من كل شيء، كنا نتمنى لمؤتمر بروكسل أن ينعقد أيضاً على أرض الشام، لأن الشام أولى ببنيه.. ولأننا كنا ومازلنا نعتقد أن قبة الشام أعلى.

15 / 1 / 2004