آخر تحديث يوم الأحد 02 - 11 - 2003م

.....

برق الشرق

ماذا تريد دمشق

من وزراء خارجية الجوار العراقي ؟!

بعد اسطنبول والرياض وطهران يلتقي وزراء الخارجية الدول المجاورة للعراق في دمشق. يتميز هذا اللقاء بحضور مصر ومن ثم الدعوة المتأخرة الموجهة لمجلس الحكم المحلي في العراق والذي سيمثله في المؤتمر (هوشياري زيباري) المسمى وزير خارجية العراق.

سيمثل زيباري بحضوره أكثر من جهة، فهو سيمثل العراق باعتبار (مجلس الحكم) بصيغته القائمة هو البوابة الوحيدة للتعامل مع (العراق). وهو سيمثل في الوقت نفسه (بريمر) أو الاحتلال الأمريكي الذي يشرف مباشرة على هذا المجلس.. معادلة (مجلس الحكم) في العراق صعبة، ومسؤوليته دقيقة، وموقف الأمة منه ينبغي أن يكون أدق.

سورية تؤكد على لسان الناطقة باسم الخارجية (كنفاني) أن الهدف من اللقاء هو دراسة انعكاسات الاحتلال الأمريكي وتداعياته على دول الجوار، وليس التدخل في الشأن العراقي الداخلي. بمعنى آخر أن المطالبة بحماية  وحدة العراق، وضرورة إنهاء الاحتلال بأقرب وقت، وعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية، واحترام حق العراقيين في تقرير المصير. كل ذلك سيكون مهرباً يتكئ عليه المؤتمرون إذا اكتفوا بتكرار الإعلان عنه.

لا بد أن سورية صاحبة المبادرة بالدعوة إلى المؤتمر تريد شيئاً من وزراء الخارجية حين تدعوهم إلى دمشق. وما تريده سورية هذه المرة يتعلق بها هي أكثر من تعلقه بالعراق. فهي في إطار علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة، والتي يعتبر الوضع العراقي أحد أسباب توترها، مازالت تلتف منذ فترة ومن أكثر من بوابة للوصول إلى اتفاق أو تهدئة مع الولايات المتحدة التي ماتزال، بعد صدور قانون محاسبة سورية، تضيق الخناق على العنق السوري عروة بعد عروة.

حقيقة الأمر فإن سورية في معادلة العراق تريد السلامة (بلحمها)، وهي غير معنية بالتورط في المستنقع العراقي، وهي في الوقت نفسه غير قادرة على ضبط حدودها مع العراق.. والمقاومون الذي يتسللون عبر أراضيها للمقاومة في العراق ليسوا على ما يبدو ورقة بيد النظام السوري، نعم قد يكون بإمكان السلطات السورية أن تضيق السبيل أكثر على حركة هؤلاء، ولكنها لا تملك الورقة بكل تأكيد..

سورية ستنشد من وزراء الخارجية المجتمعين في دمشق مساعدتها على الحصول على (منديل الأمان الأمريكي). والأوراق التي في يدها قليلة، وهي إذا لعبت بها علناً فستكون على حساب أوراق أخرى تستمد منها كثيراً من معنوياتها في الشارع العربي وأحياناً بعض شرعيتها.

لاشك أن الأجندة السورية لمؤتمر وزراء الخارجية تختلف عن أجندة بقية الأعضاء، ربما تكون إيران أيضاً واحدة من الدول التي تملك أجندة خاصة تطرحها على المؤتمر، فالعلاقة الإيرانية ـ الأمريكية هي الأخرى تتحرك على طرق سالكة بصعوبة أو موصدة.

وإذا كان زيباري سيحمل إلى المؤتمر أجندة بريمر، التي ستؤكد على ضرورة أن يترك للإدارة الأمريكية حق الانفراد بالشعب العراقي لتمرير مخططها هناك، ولجعل درس العراق هيناً ليناً، بحيث يتباهى بوش وزمرته أن احتلال العراق لم يكلفه أكثر من عشرات من الجنود. وليبقى الدرس عبرة لمن شاء أن يعتبر.

وبين الأجندة السورية التي تحاول أن تستمد الدعم ممن لا يملكه، وبين الأجندة الأمريكية التي تحاول أن تفرض الاحتلال أمراً واقعاً وتطالب العرب بحمايته وتسهيل كافة الطرق أمامه تبقى أجندة الأمة العربية التي تريد أن يكون الدرس العراقي درساً مراً وقاسياً بالنسبة للإدارة الأمريكية. بحيث يجعل أي إدارة أمريكية مستقبلية تعد على السابعة والعشرين قبل أن تفكر في اقتحام أي قطر من أقطار المنطقة، تريد الأمة العربية أن يكون على أجندة المؤتمر من يفكر بجعل العراق مدخلاً شعبياً عربياً لكسر إرادة بوش ومن ورائه شارون. أجندة الأمة العربية هذه في تعريب المقاومة وتصعيدها لن تجد من يحملها إلى المؤتمر الوزاري، ولا من يطرحها فيه.

2 /11 / 2003