برق
الشرق
موقفنا
: قلق .. وإشفاق
في
الظروف الاستثنائية الحرجة التي
تعيشها الأمم والأوطان تذوب تلقائياً
الأخاديد والخنادق الصغيرة، وتتلاحم
المواقف على نحو ما يحصل على أرض
العراق الشقيق اليوم.
ومع
العدوان على العراق تبرز نذر عدوان
جديد على سورية حيث يلحظ المتابع
والمواطن، أن السهام قد تكاثرت على
قطرنا، وأن التهديدات بدأت تطاير حوله
رامسفيلد ثم باول، ثم الناطق باسم
البيت الأبيض الذي زعم أن إدارته تمتلك
أدلة على إدانة سورية في دعم العراق (كذا
!! ) وأن الإدارة حركت مساعد وزير
الخارجية ويليام بيرنز لتنبيه
السوريين على خطورة تصرفهم، وإضافة
المصدر الأمريكي أن العلاقات مع سورية
متوترة وأنها في أسوأ مراحلها منذ
سنوات، ثم ينضم إلى هذه المتتالية
أخيراً ولعله لا يكون آخراً شاؤول
موفاز وزير الخارجية الصهيوني الذي
نقلت عنه الإذاعة الصهيونية بالأمس في
(1/4) قوله: (إن الرئيس بشار الأسد يعرف
تماماً قوة وقدرات إسرائيل في جميع
المجالات بما في ذلك المجال العسكري.)
وأضاف موفاز رداً على قول الرئيس بشار
الأسد في صحيفة السفير اللبنانية (إنه
طالما إسرائيل موجودة فإن التهديد
سيبقى قائماً.) (إن هذه التصريحات خطيرة
جداً خصوصاً أنها تأتي في وقت يبدو فيه
أن سورية تساعد العراق كما كشف مسؤولون
أمريكيون..)
ومن
حقنا كمواطنين سوريين أيضاً أن نرى
تصريحات موفاز خطيرة جداً في وقت
تتطاير فيه القذائف والصواريخ، وترابط
فيه حاملات الطائرات الأمريكية في
المنطقة.
إن الالتحام مع الوطن لا
يعني بأي حال تجاهل الخطر، كما لا يعني
هزّ الرأس باعتبار أن ليس في الإمكان
أبدع مما كان. كما أن تقليب جهات النظر،
وطرح الآراء والتفكير في الشأن العام،
وبيان سلبيات أي موقف وإيجابياته لا
تعني أكثر من محاولة صادقة للتسديد
والمقاربة.
انفضت
بالأمس الدورة الاعتيادية لمجلس الشعب.
وكان دور (مجلس الشعب) في الأزمة
الطاحنة التي تمر بها أمتنا ومنطقتنا
ووطننا أن استمع إلى تقرير عن الوضع
السياسي قدمه السيد وزير الخارجية.
وقدّر المجلس وثمّن وحياّ !!
ألا
يعتقد القائمون على الأمر في وطننا، أن
الوضع الحالي الذي تمر به المنطقة،
والتهديدات التي تنهال على قطرنا من
يمين وشمال، وتداعيات العدوان على
أمتنا في العراق، كل أولئك ألا يقتضي
دورة طارئة لمجلس الشعب، لو لم تكن
الدورة منعقدة،
لمناقشة الأوضاع، واتخاذ القرارات
وتوسيع قاعدتها، وإصدار التوصيات،
ووضع الترتيبات العملية لمواجهةٍ قد
تُفرض علينا، وإن جهدنا لتفاديها.. ؟!
ألا
يعتقد القائمون على الأمر في وطننا أن
الوضع بآفاقه المحتقنة بالسحب السوداء
يستدعي جهداً متميزاً نوعاً وكماّ،
على صعيد القرار السياسي: الديبلوماسي
والعسكري والوطني، لوضع استراتيجية
المواجهة وتكتيكاتها العملية ؟!
عندما
خسرنا الجولان في ظروف مشابهة، لم
يخسرها رئيس أو وزير أو قائد أو آمر
وحدة، وإنما خسرها الوطن كل الوطن،
وكانت يومها الروح (الارتجالية) و(الغرور)
بالكلمة، وتبديد طاقات الوطن، وشرذمة
أبنائه ؛ هي السائدة، حتى لم يخجل بعض
الذين صنعوا الهزيمة أن يسموها نصراً !!
نحب
أوطاننا، ونتمنى لها الخير، ونؤيد كل
جهد بناء لحمايتها وصيانتها، ولكننا
مع كل ذلك نشعر بالقلق والإشفاق عليها،
فنبادر إلى تقليب الرأي للتحذير
والتسديد وهو أقل الواجب في أعناقنا.
نتمنى مع السيد وزير الخارجية فاروق
الشرع أن ينتصر العراق وأن يندحر
العدوان، ولكن متى كانت الأماني تجلب
خيراً أو تدفع شراً ؟! الأماني جهد
مقبول، ممن لا يملك قراراً ولا سيفاً،
والعراق اليوم محتاج إلى سيوف أمته
وجهدها أكثر من حاجته إلى قلوبها.
3
/ 4 / 2003
|