برق
الشرق
سليمان
وخيار الأمومة الصعب
محنة
المعارضة السورية
تعيش
المعارضة السورية هذه الأيام محنة
حقيقية. محنة ليست اقتصادية ولا مادية
ولا هي سياسية أيضاً. فالمعارض السياسي
يعلم، منذ اختار طريقه، أن قدره أن
يعيش المغالبة في كل أبعادها، ويتحمل
اللأواء في سبيل تحقيق ما يعتقد أنه
الحق والخير.
محنة
المعارضة السورية تتجسد في خيارها
الصعب بين الإغضاء والبوح، الإغضاء
على الجرح الراعف منذ ربع قرن، والبوح
في زمن يكثر فيه الشامتون بالوطن حضارة
وإنساناً.
يتشكل
جسم المعارضة السورية داخل الوطن، من
الكيان الوطني بكل أبعاده. وسنتوقف عند
هذه الإشارة، لئلا نتورط في البوح الذي
أشفقنا من نتائجه. الحديث عن (الوحدة
الوطنية)، في ظلال الأحداث الراهنة
سيجرنا إلى حيث لا نحب. لأننا نريد أن
نؤكد أمام الهجمة العاتية على قطرنا،
والتي تعتبر بمثابة رمي التمهيد،
لتكرار تجربة العدوان على العراق، نحب
أن نؤكد أمام هؤلاء المتغطرسين، أننا
في قطرنا العربي السوري في مواجهتهم
كتلة واحدة صماء غير نفوذ، لا مكان
فيها حتى لمسمار يضربه جحا في البنيان. نريد
هذا وندعو إليه ونؤكد عليه، لا عن عجز
أو ضعف، وإنما انطلاقاً من رؤية وطنية
مستبصرة، تميز بدقة بين الوطن وبين
المشروع الوطني. وتعلم أنه إذا سقط
الوطن، لا سمح الله، بأي صورة من صور
السقوط، سقطت جميع المشاريع !! ولا نظن
أن أي مواطن عراقي غيور سيحمل الآن
لوطنه غير مشروع التحرير.
في
بنية المعارضة السورية داخل الوطن
عشرات الألوف من المفقودين، لا يذكرهم
أحد، بينما تتناقل وكالات الأنباء
هموم الاثنين هنا والثلاثة هناك.
عشرات
الألوف من المفقودين منذ ربع قرن،
بعضهم دخل السجن طفلاً في الخامسة
عشرة، وبعضهم دخله شيخاً كبيراً،
وهؤلاء وأولئك انقطعت أخبارهم في /المطامير/
لا في الزنازين !! لا زيارة، لا خبر، ولا
علم أفي الأحياء هم أم في الأموات ؟!
محنة طالت نتمنى أن تكتب نهايتها بأيد
وطنية !!
الحياة
العامة في سورية مبنية على أساس أحادي
شمولي من نظام الحزب الواحد الذي يصادر
الحريات ويقصر المشاركة في الحياة
السياسية على مجموعة من الناس تفرض
نفسها حسب دستور مفروض مرجعية عليا
للدولة والمجتمع!!
وتتجسد
المعارضة السورية في الخارج في عشرات
الألوف من المواطنين، يتوزعون على
ثلاثة أجيال: الجد المعارض، والولد
التابع، والحفيد المأخوذ بجريرة كلمة (لا)،
قالها جده منذ ثلاثين عاماً. وتنتشر
هذه الألوف في أصقاع الأرض كافة. أجداد
وآباء وأحفاد محرومون من الإطلالة على
وطنهم، ومن حقوقهم المدنية حتى في ورقة
تثبت وجودهم وانتماءهم، في ظلال وضع
عالمي يعلن الحرب على هذه الأمة
أنظمتها وشعوبها.
المعارضة
السورية، لم تنتفع بالخطاب الإيجابي
الموضوعي الذي وجهته، وما تزال توجهه
إلى من بيده الأمر، لوقف جميع أشكال
الصراعات البينية، والتخندق في خندق
الوطن الواحد، فسر بعض أصحاب السلطان
هذا الموقف بالضعف والعجز، لأنه لم
يستطع أن يقرأ الضمير الوطني الذي يبعث
عليه، والشعور بالحمية ضد التهديدات
المتطايرة التي تكمن وراءه.
نكتب
هذا الكلام محرجين، نكتبه في أجواء
حملة شعواء تشن على وطننا مَن وما فيه.
نكتبه ونتمنى ألا يقرأه إلا وطني غيور،
أو عربي حر شريف، محنة المعارضة
السورية هي محنة الأم الحقيقية أمام
خيار سليمان.
15
/ 4 / 2003
|