برق
الشرق
المؤتمر
السوري العام .. نقطة البداية
للخروج
من تيه المتسكعين
حين
تتوه الأمة عن رسالتها، وتفتقد
مشروعها، وتذهل عن محددات مسارها،
لتصبح كما أمتنا العربية في هذه
الأيام، أو كما، بشكل أدق، قطرنا
العربي السوري. أهدافنا المعلنة ذبلت،
شعاراتنا تخشبت، ماذا نريد ؟ وماذا
يراد بنا ؟ وإلى أين نسير؟ لا أحد يمتلك
الجواب على هذا السؤال ولا حتى الذي
يقود المركب ويقبض بكلتا يديه على (السُّكان..)
اختلطت
الأمور حتى على مستوى (الخطابة)،
فقطرنا في أمر مريج، لا غاية ولا وجهة
بل نحن أشبه بمن يتسكع بين المقابر،
يقتل الوقت وهو المقتول. في حين يسير
الآخرون سير القاصد
إلى أهداف حددوها، وضمن مسارات خططوها
فينجحون ونبوء بالخذلان !!
هل
يستطيع أحد من أبناء أمتنا، من
نخبها السياسية أو الثقافية لا فرق، أن يقارن بين ما يحققه
المشروع الصهيوني من نجاحات تراكمية:
عسكرياً وسياسياً واقتصادياً
وثقافياً، وبين ما تحققه قيادتنا
الفذة الملهمة.. ؟!
نصف
قرن مضى وقياد قطرنا في يد حزب البعث
العربي الاشتراكي، ولحزب البعث كما
تعود أن يردد كل يوم (رسالة خالدة)
تخص
الأمة الواحدة، فهل استطاع هذا الحزب أن
يقارب ولو قليلاً، خلال نصف قرن مضى
مشروعاً نهضوياً يمس حياة الناس في
قطرنا.. نقول
أي مشروع قاصد بأي بعد من أبعاد
المشروعات سديدة رشيدة كانت أو غير ذلك..
؟!!المشروع
القومي في الوحدة، والمشروع السياسي
في الحرية، والمشروع التنموي في
الاشتراكية !! كانت السنوات الطويلة
التي مضت سنوات ضياع، وكلما غاص الحزب
أو النظام الحاكم باسمه، وثمة فرق، في
تجربة الحكم ، بعد من مفهوم الرسالة ؛
إن كان هناك مفهوم للرسالة ؛ ليتحول
الاحتفاظ بالمنصب أو الموقع إلى رسالة
وهدف ومشروع، يسوغ من أجله كل شيء.
وهكذا
تحول المشروع القومي والمشروع الوطني
والمشروع التنموي، إلى مشروع فردي،
يتمثل في الاحتفاظ بالموقع. والنجاح في
هذا المشروع يعني النجاح في كل
الميادين، ولن يعدم أي متنفذ ولو على
مستوى مختار قرية عبد خصب يدهن من ودكه
ودسمه.
حين
تمر بنا الأحداث والتطورات في هذا
الزمن العاصف كلِّ ما فيه، كلمح البصر،
فنرى الآخرين يدقون مداميكهم في
قلوبنا وجماجمنا وأجسادنا، وينتقلون
فوق أشلائنا، مرحلة بعد مرحلة، في
تحقيق أهدافهم ومخططاتهم.. ثم نلمح
قياداتنا العربية عامة والسورية خاصة
تتسكع في عالم من البخور والطواف
بالقبور، لا تدري ما تأخذ ولا ما تدع ؛
نستشعر السبات أو الموات مفروضاً
علينا، وهذا ضرب من الانتحار السياسي
الذي يكرس العاجزين في مواقع
المسئولية.
لابد
للخروج من حالة انعدام الرؤية،
وانحلال القوى، وانحطاط الهمم، من
تحديد نقطة للبداية.. نقطة تقوم على
إعادة بناء (المؤتمر السوري العام)
الذي أجهضه يوماً ما المستعمر الفرنسي..
مؤتمر سوري عام يُبنى باليد الوطنية
والقرار الوطني الجمعي، ويمثل القوى
الحقيقية في القطر المغيبة بفعل
سياسات الاستئصال والإقصاء.
لابد
من العودة إلى نقطة البداية في المؤتمر
السوري العام ليقطع الطريق بدوره عن (مجلس
الحكم) الذي يعده لقطرنا من يريد له أن
يلتحق بعراق الاحتلال.
20
/ 8 / 2003
|