برق
الشرق
قمة
الأقوياء .. الأغنياء
في
(ايفبان) الفرنسية تنطلق قمة الثمانية،
الأغنى والأقوى في العالم (الولايات
المتحدة ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا
ـ اليابان ـ روسية ـ كندا ـ وإيطاليا).
ويسعى
الأغنى والأقوى في هذه القمة، إلى
احتواء حدة تضارب المصالح الذي نشأ
بينهم بسبب الحرب على العراق، لتوظيف
وحدة الموقف، في إحكام السيطرة،
والنفاذ إلى تحقيق إنجاز أعلى، دون
الغفلة عن بعض الإجراءات الشكلية
لامتصاص غضبة إنسانية، تعود المؤتمرون
على مواربة الظهر لها. واستعدوا
لمواجهة غضبتها بخمسة عشر ألف عسكري
لضمان أمنهم وسلامتهم !!
لن
يتصور الأغنياء الأقوياء، وهم
يتبخترون بالحلي والحلل، بالسلاح
وبالمال، نظرة الإنسانية إليهم. ولن
تكون صرخات الاحتجاج التي تلاحقهم
أينما حلوا وارتحلوا كافية لوقف
سياساتهم الكريهة، التي يسعون من
خلالها إلى شرعنة الغطرسة والجشع،
وتجاوز معاني الإنسانية في الإنسان.
هؤلاء
الذي يجتمعون في (ايفبان) اليوم يمثلون
10 % من سكان المعمورة، يظن كل واحد من
هؤلاء العشرة أنه ولد ليحوز الكون
شمساً وهواء وماء وناراً وتراباً.. وأن
من حقه بفعل ما يملك من وسائل السيطرة
أن يقنن لبقية بني الإنسان اللقمة
والجرعة، وأن يحاسبهم على حظهم من نسمة
الهواء وأشعة الشمس.
ما
تتناقله وكالات الأنباء عن احتجاجات
المحتجين عن مهرجان النخاسة الأممي،
لا يمثل إلا مساحة محدودة من مساحات
الرفض والإدانة. فحتى الذين يهزون
الرؤوس لكوكبة الجشع أو يبتسمون لها أو
يظهرون اللامبالاة خفية، أو تمنعهم
ظروفهم عن أي شكل من أشكال التعبير؛ كل أولئك البشر
الغائبين أو المغيبين ينظرون إلى لقاء
/ايفبان/ بالشك والريبة والإدانة،
ويرون في ملتقى الكبار هؤلاء مدخلاً
إلى زيادة معاناتهم، وتجاوز
إنسانيتهم، والإتيان على ما تبقى في
نفوسهم من كرامة، وفي سواعدهم من طاقة،
وفي جباههم من عرق.
الفرصة
أمام المؤتمرين في /ايفبان/ للانتقال
من عالم الشر إلى عالم الخير، ومن
سياسة الهدم والاحتواء، إلى سياسات
الانطلاق والبناء، محدودة أو معدومة،
ذلك أن صلاح المسيرة الإنسانية لا يكون
بالحلول الترقيعية، التي تسرق الإنسان
فتفقره ثم تتصدق عليه !!
إن
الصلاح الإنساني لن يكون في قرار عابر،
أو لمسات زور تدعي الشفقة والرحمة،
وإنما سيكون في تصحيح شامل للتصور
العام عن الكون والحياة والإنسان، عن
غاية الخلق، وحقيقة الإنسان.
الإصلاح
سيكون بتنكب سبيل المادية الضيقة التي
جعلت السيطرة والتملك محور الحياة
وغايتها، والإقبال من ثم على الحقائق
الخالدة التي قام عليها الوجود الحق
والتي بشر بها إبراهيم وموسى وعيسى
ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين.
صلاح
الإنسانية سيكون بالعودة إلى المحبة
التي جاء بها عيسى عليه السلام الذي
قال: إن المثقلين من حطام الدنيا لن
يدخلوا ملكوت السماء. فهل في مؤتمر
الثمانية الأغنياء الأقوياء من يفكر
بملكوت السماء ؟!
4
/ 6 / 2003
|