آخر تحديث يوم السبت 10 - 01 - 2004م

.....

الرئيسان التركي والسوري:

القفز فوق الحقائق

بمراجعة الخطاب البروتوكولي الذي ألقاه كل من الرئيس (بشار الأسد، ونجدة سيزار)في حفل العشاء الذي أقيم على شرف الضيف الزائر يلحظ المراقب حالة غير سوية من القفز على الحقائق تلبس بها الرئيسان عن عمد وتصميم.

سورية_وتركية. فيما يقول التاريخ،ويقول الواقع العقائدي والديني أكثر من بلدين جارين تجمعهما منظومة من المصالح الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ...

الروابط التي تجمع الشعبين المسلمين الجارين اللذين كانا يعيشان في ظل كينونة واحدة لأكثر من خمسة قرون تختزل حسب الرئيس بشار الأسد في:(الروابط التاريخية التي تعود إلى عهود بعيدة،وتبادل فيها الشعبان ثمار اللقاء الإنساني والتفاعل الاجتماعي والثقافي،خلقت أرضية خصبة للتفاهم والعيش المشترك وتركت ملامح واضحة في العادات والتقاليد واللغة والتصورات تعطي لعلاقتنا الراهنة معنى شديد الخصوصية..)

أما الرئيس نجدة سيزر فقد اختزل هذه الروابط في سياق مقارب من الهلامية والضبابية فقال(إن الروابط العميقة المستندة إلى القيم التاريخية والثقافية المشتركة بين تركية وسورية تشكل أساس علاقات الصداقة بين بلدينا وشعبينا وتضمن لهما مستقبلا زاهراً..)

(..إن التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والتي تربطنا ضمنها قيم تاريخية وثقافية واجتماعية مشتركة تؤثر بعمق على تركيا...)

 نقول ان ما يجمع سورية وتركية أكبر من العلاقات التاريخية والثقافية أو العادات والتقاليد الاجتماعية،ما يجمعهما أولاً وأساساً هو الإسلام:العقيدة ،والإسلام المنهج الذي يتدخل في خصوصية الحياة الفردية للإنسانيين العربي والتركي على حد سواء..رابطة الإسلام على صعيد الفرد وعلى صعيد الجماعة ، وعلى صعيد المجتمع ، ومن ثم على صعيد الدولة أقوى وأعمق من أن يتجاهلها الرئيسان في مثل هذا المقام..

ولقد وثقت هذه الرابطة العلاقة بين الشعبين الشقيقين على مدى قرن عاصف حاولت فيه القوى (المتعلمنة) أن تغيب هذه الرابطة تحت الركام...

يقال إن (العلمانية)حيادية بالنسبة للدين. في استطلاع للرأي العام العربي في الجزيرة الثلاثاء 6/1/2004أفاد أن 85%من المشاركين العرب أن العلمانية ضد الدين.

يتصارخ العلمانيون متهمين مخالفيهم بالقصور والغباء وعدم الفهم...لقد تعرف الإنسان العربي على العلمانية من خلال (أتاتورك)و(كنعان ايفرين) وحزب البعث وكل أنظمة الاستبداد التي يزعجها حتى أن تمر على ذكر الإسلام . كم نتمنى أن يكون العلمانيون في عالمنا العربي علمانيين حقيقين!! كم تنمنى أن يتوقفوا عن القفز عن الحقائق،وتحطيم الجسور والروابط إرضاءً لرغبات من يعلمون...

وأخيراً لن يفوتنا في مراجعتنا للخطابين البروتوكولين أن نشير إلى امتناع الرئيس نجدة سيزار عن المطالبة بشرق أوسط نظيف من أسلحة الدمار الشامل المعنى الذي أراده الرئيس الأسد ربما من زيارته إلى تركية..

10/1/2004