برق
الشرق
رسالة
الرئيس اليمني
إلى
من يهمه الأمر..
فاجأ
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح
الجميع، في ذكرى الوحدة اليمنية
بإصدار عفو عام يشمل قائمة الستة عشر،
تلك القائمة التي ضمت كبار محاربيه من
الذين حاولوا فصل شطري اليمن سنة 1994،
مستعينين بدول وحكومات، مستخدمين
الطائرات والدبابات والصواريخ.. حتى
قصفوا بيت الرئيس نفسه في صنعاء
وتسببوا بمقتل الآلاف من الأبرياء.
تجربة
الرئيس صالح مع معارضيه طويلة ومريرة،
بدأت منذ استلامه الحكم في أواخر
السبعينات، حين كانت قوى اليسار
الثوري المرتبط بموسكو عن طريق عدن،
تعيث في أرض اليمن فساداً: قتل وخطف
وحرق للمحاصيل وتسميم للآبار.. وفي
جولات عسكرية وسياسية متعددة، كان
الرئيس علي صالح، معتمداً على قاعدة
شعبية قوية ومتينة، يحرز انتصارات
مظفرة على قوى اليسار، حتى قاد اليمن
أو اليمنيين إلى دولة الوحدة التي أصبح
زعيماً لها.
لم
يعرف عن الرئيس علي أنه منتقم ولا منتج
لمقابر جماعية، ولا أنه أقام نظاماً
بوليسياً، ولا نفذ أحكام إعدام جماعية
أو فردية بحق خصومه.
ومع أن الرئيس علي عبد الله
صالح ينتمي إلى جيل العسكر الثوريين،
إلا أن انتماءه إلى شعبه وإلى أمته ظل
متفوقاً دائماً على الحدة العسكرية..
فهو مايزال عقب كل ظفر يحققه على خصومه
يعيد فتح الآفاق أمامهم، لينخرطوا في
المعادلة الوطنية من جديد، وكأنه
يلاعبهم لعبة شطرنج، لا ينازلهم في
ميدان السياسة أو يصارعهم كما
يصارعونه على السلطة.
تأتي
أهمية العفو الأخير الذي أصدره الرئيس
صالح أنه صدر بحق قيادات الحزب
الاشتراكي، التي تشكل التهديد الأول
لحكمه. ولم يأت العفو الرئاسي ليفتح
الرئيس صفحة جديدة مع خصومه كأفراد،
وإنما فتح أمامهم أفقاً ليعودوا كما
جاء في قرار العفو شركاء في المسؤولية
الوطنية.
وقد
دشن الرئيس صالح قرار العفو هذا بلقاء
عدد من قيادات الحزب الاشتراكي في
مقدمتهم مستشاره صالح محمد عضو المكتب
السياسي للحزب، والدكتور صائل خالد
الأمين المساعد، ومحمد غالب أحمد عضو
المكتب السياسي. واعتبر
اللقاء مبادرة إيجابية لتعزيز توجهات
الرئيس صالح إلى عدم تجاهل دور
الاشتراكي في تمتين الوحدة.
ولعل
الأعجب في المعادلة السياسية اليمنية
أن يبادر التجمع الوطني للإصلاح (الإخوان
المسلمون) والمتحالف مع الاشتراكيين
(!!) إلى الترحيب بالعفو واعتباره
إنجازاً مشتركاً للمعارضة اليمنية،
وأن يطالب بأن لا يصاحب قرار العفو أي
منّةٌ ولا أذى !!
يشعر
الرئيس علي عبد الله صالح أن السلطة قد
جعلت منه كبير اليمن وسيدها، وأن من حق
هذا الموقع عليه، لكي يكون كبيرا
وسيداً، ألا يحمل الحقد على مواطنيه،
وهو رغم خلفيته العسكرية قد حفظ من
ديوان العرب
وليس
كبير القوم من يحمل الحقدا
انتماء
الرئيس علي عبد الله صالح إلى شعبه
أعمق بكثير من تعلقه بموقع يحد من قيمة
هذا الانتماء، ولعل هذا هو سر الرسالة
التي يرسلها الرئيس اليمني إلى
الآخرين.
25
/ 5 / 2003
|