برق
الشرق
رصيد
التصحيح
تعيش
سورية هذه الأيام ذكرى (التصحيح)، أو
بعبارة أوضح ذكرى آخر انقلاب عسكري
ناجح شهدته ساحات دمشق. ففي 16/11/1970
تحركت الدبابات لتحاصر مقر اجتماع
القيادة القومية لحزب البعث، ولتقوم
بتصفية المخالفين من الرفاق القدامى.
عمر (الانقلاب) كما ننظر إليه أو (التصحيح)
كما يدعوه أصحابه ثلاثة وثلاثون عاماً.
أي أن شاباً ولد في ذلك اليوم يحتفل
الآن بعيد ميلاده الثالث والثلاثين.
في
تقويم عابر، ومن منطلق الشهادة على
العصر، نقول: إن الشعب السوري قد
استقبل الحركة بارتياح. ولا سيما حين
رأى أفراداً من البعث الذين أذلوه
كثيراً، وكسروا إرادته صاروا وراء
القضبان. كان ينقص صاحب مشروع التصحيح
خطوة أكثر جرأة تكسر عصا البعث كليا
والانفتاح من ثم على الشعب. ولكن الخوف
من الشعب منع الرجل أن يبقى بلا عصا..
فكان تفريغ البعث من مضمونه (الفكري) و(العقائدي)
وتحويل المناضلين إلى مجموعة من (الكسبة)
ولو عن طريق (تدبير الراس)، كما طالب
كبير منهم منذ وقت مبكر، وهو الخيار
المفضل.
وبعد
ثلاثة وثلاثين عاماً بعد الانقلاب
الذي سبقته انقلابات، وتبعته انقلابات
أخفقت جميعها، هل يحق للمواطن السوري
أن يتساءل عن رصيد التصحيح في حياته
اليومية والعامة.
على
الصعيد الفردي هل يمكن المقارنة
الرقمية بين متوسط دخل الفرد في 14/11/1970
و 14/11/2003. وعلى المستوى العام هل يمكن
قياس نسبة التضخم بين العهدين. وهل
يمكن أن نشير إلى حجم المديونية العامة
بين 1970 ـ 2003.
على
الصعيد العسكري هل يمكن أن نتوقف عند
حجم التعبئة العامة، ومستوى تسليح
الجيش السوري، وجاهزيته وتدريبه
وعقيدته القتالية وروحه المعنوية.
وعلى
الصعيد الأمني هل يمكن أن نقارن عدد
نزلاء المعتقلات من سجناء الرأي. أو أن
نشير إلى عدد القتلى الذين أعدموا
بموجب الأحكام العرفية. هل لدى وزارة
المغتربين، والدكتورة بثينة شعبان
بالذات إحصاء يحيط بالمغربين
والمهجرين قسرياً لأسباب سياسية أو
اقتصادية..
هل
تقبل للقياس الحرية التي يتمتع بها
صانع القرار أمام الضغوط الأمريكية..
وطريقة التعاطي المقلقة مع هذه الضغوط
بالاندفاع المستمر إلى مزالق
الاستسلام الضيقة.
هل
كنا سنة 1970 أقرب إلى مشروع تحرير
الجولان.. أم أننا قررنا الاحتماء
بمشروع تكريس الاحتلال، وترك الأرض
للعدو والاكتفاء بالبكاء على الأطلال.
رصيد
التصحيح لا يقاس بنمو أشجار شارع أبي
رمانة والقصاع.. لأن الشمس تشرق،
والأشجار تنمو، (وشجر الخابور يظل
مورقاً وإن غاب ابن طريف).
الذين
يعدون علينا السنوات، ويقيسون حصيلة
النمو الطبيعي هنا وهناك.. ينسون أن هذه
السنوات تذهب من أعمارنا، وأن قرنا ًمن
عمر الأمة وزنه الحضاري يفوق كل ما
سبقه من قرون، قد مضى في عبثية وباطل.
15
/ 11 / 2003
|