برق
الشرق
الرئيس
بصفته الدستورية
أن
يتحدث الرئيس بصفته الدستورية، وأن
يتصرف بصفته الدستورية مطلبان أساسيان
مهمان على صعيد القول والفعل. وبغض
النظر عن موقف المواطن من الرئيس، ممن
قال له (لا) أو قال له (نعم)، وبغض النظر
عمن أيد وعارض، وعمن بذل إعجابه أو
إعراضه ؛ فإن الموقع الدستوري لرئيس
الجمهورية يضعه أمام استحقاقات،
ويحمله مسئوليات تجاه كل فرد من أبناء
الشعب، لا يسع من يشغل المنصب الدستوري
أن يتنصل منها.
قال
عمر بن الخطاب لقاتل أخيه زيد بن
الخطاب في حروب الردة: والله لا أحبك
أبداً. فقال له الرجل، وكان قد رجع إلى
الإسلام: أويمنعني ذلك حقي ؟ قال عمر:
لا. قال الرجل: فإذا والله لا أبالي
إنما تأسى على الحب النساء.
الموقع
الدستوري للرئيس يجعل منه العماد الذي
يرفع المظلة الجامعة، التي تظلل أبناء
الوطن أجمع. ويكون تمثيل الرئيس لموقعه
العام مقدماً على تمثيله لحزب أو طبقة
أو فئة.. فلا يمكن أن يمثل المرء موقع
رئيس جمهورية، وهو يقدم على (الجمهورية)
انتماءه الحزبي أو الطبقي أو الفئوي.
وهو حين يفعل ذلك، يكون أميناً عاماً
لحزب، أو زعيماً لطبقة، أو مقدماً على
فئة فقط.
وحين
يحمل رئيس الجمهورية آراء وقضايا
وآلام وآمال مؤيديه دون معارضيه، يكون
قد شطب على موقعه بيده، وضرب على نفسه
بسور لا باب له، فحجر الوطن الواسع في
الدائرة الصغيرة، واختصر الشعب في
الفئة التي تولاها وتولته.
اعتراف
الرئيس بمواطنيه هو توسيع لدائرة
سلطانه، وبسط لنفوذه. والاعتراف
بالمواطن لا يكون بإكراهه على الطاعة
والخضوع بالإذلال والمهانة، وإنما
بإيصال حقوقه إليه لإشعاره أن الخلاف
في الرأي، والنفور في الموقف، لا يؤثر
في حبل العلاقة الذي ينبغي أن يبقى
موصولاً. وهذه هي الأمانة التي أمر
الله صاحب الأمر بأدائها (إن الله
يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل..)
الصفة
الدستورية لرئيس الجمهورية تضعه في
مقام الإشراف والتوجيه والمسئولية على
سلطات الدولة الثلاث يضبط الآليات،
وينظم الإيقاع، ويسد منافذ الخلل
والفساد، يكافئ المحسن ويعاقب المسيء،
يحمى الضعيف، ويأخذ على يد الظالم.
الصفة
الدستورية لرئيس الجمهورية تضعه في
موقع العقل والقلب من جسم الوطن، يفكر
ويدبر ويستعين ويعين. ويشفق ويرحم
ويحزن ويألم بميزان قسط في جميع
الاتجاهات، وتطال مسئوليته حتى الدابة
على الشط البعيد. كتب عمر بن عبد
العزيز، رحمه الله تعالى، إلى ولاته أن
يأخذوا الأكارين بمراعاة حق الله في
الدواب فلا يحملونها فوق ما تطيق !!
بهذا
الفهم للموقع الدستوري لرئيس
الجمهورية نتفاعل مع دعوة الرئيس بشار
الأسد إلى الإصلاح العام في سورية، حيث
نتمنى على السيد رئيس الجمهورية، ومن
موقعه الدستوري كرئيس للجمهورية أن
يفتح ملف الإصلاح والتطوير والانفتاح
على المجتمع بكل أطيافه، وبهذه
المسؤولية يفتح، إذا شاء، ملف (الدماء)
وملف (الآلام) وملف (الأعمار) التي
انقضت وراء القضبان أو في مجاهل الغربة..
إن الموقع الدستوري لرئيس الجمهورية
يؤكد أن لا أحد خارج دائرة (العدل) ولا
أحد أيضاً فوق (القانون) وليكن هذا
العنوان مطلباً للجميع.
12
/ 6 / 2003
|