برق
الشرق
الرعاع
والمسئولية !!
كان
عنيفاً خطاب شيخ الأزهر هذه المرة. كان
عنيفاً شيخ الأمة وهو يصف أبناءها (بالرعاع)
و(المنافقين) و(المبتزين)، ولن تجدي
محاولات الترقيع المتأخرة، فقد جاءت
ساعة الانفعال بالصدق، وجاء ما بعدها
من محاولات
التسويغ والتجميل عاجزاً.
الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم وصف حال
الأمة هذا يوم قال وقد سئل (أمن قلة نحن
يومئذ يا رسول الله ؟) فقال (لا بل أنتم
يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل..).
وكتب الشهيد الرباني عبد القادر عودة
في أواسط القرن العشرين عن (الإسلام
بين جهل أبنائه وعجز علمائه) فأوضح
كثيراً من الحقائق التي أغضى عنها
الكثيرون.
تعيش
الأمة المسلمة ظروفاً صعبة بدون شك.
وتتعامل مع هذه الظروف بما لا يليق ولا
ينتظر، تفعل ذلك من قمة الهرم حتى
قاعدته. وكل فرد في هذه الأمة يلقي
العبء أو اللوم على الآخر، الفرد على
الجماعة، والجماعة على المجتمع،
والمجتمع على الحكومة، والدولة على
الدول، والدول على الجامعة العربية،
والجامعة العربية على الإسلامية، ثم
يلقي الكل التبعة على (الاستعمار). وهكذا
يخرج الجميع من المسئولية فضلاء شرفاء
!!
كل
من في الأمة يخلي نفسه من (المسئولية)
ويلقي العبء على الآخرين. وجاء خطاب
شيخ الأزهر لينغمس في المتتالية من
جهة، وليلقي الحقيقة المرة في وجوه
الجميع: (رعاع ـ منافقون ـ مبتزون)
نعتقد أن البطل الحقيقي في
هذه الأمة، فرداً كان أو جماعة أو
حزباً، أو قطراً، عامياً أو مثقفاً أو
عالماً أو زعيماً، هو ذاك الذي يستطيع
أن يتحسس سهمه في مسئولية ما حدث، وكيف
ولماذا حدث، وأن يتعرف بالتالي على
دوره في تقويم الموقف وإصلاحه في حدود
مسئوليته وطاقته معاً.
نستمع
كثيراً إلى رؤساء وقواد وأفراد يتشكون
ويتظلمون !! حتى صدام حسين بدأ يكتب،
فيما ينسب إليه، متظلماً متشكياً؛
لكننا لم نسمع رئيساً واحداً يقول: لقد
قصرنا في التدبير أو أخطأنا التصرف، لم
نسمع عالماً واحداً من الأزهر أو غير
الأزهر من مجامع الإسلام الكبرى، يقول:
لقد أخطأنا في الرؤية أو في التوجيه. لم
نسمع من زعيم حزبي ديني أو مدني، يميني
أو يساري يقول: لقد جانبنا الصواب في
تصرفنا، ونتحمل نصيبنا في المسئولية
عن نكسة الأمة.
كلنا:
الزعماء والعلماء والأحزاب
والجماعات، والشعوب والحكومات
والعامة والخاصة والمثقفون
والسياسيون، كلنا نعتقد أننا كنا
دائماً مسددين وملهمين وراشدين !!
كلنا
دريد بن الصمة ينادي
أمرتهم
أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا
الرشد إلا ضحى الغد
أما أمتنا فلم تستبن الرشد
بعد ! وما نظنها تفعل حتى يقف كل فرد من
أبنائها، ليقر بخطئه وخطيئته، ويعزم
أن ينخلع منها ولا يعود إليها، حتى
المظلوم كانت خطيئته في السكوت
والسكون حتى تمكن منه ظالمه.
نتمنى على شيخ الأمة، شيخ
الأزهر، وعلى الفضلاء العلماء الذين
معه وقفة مراجعة ليستبينوا الرشد،
وليؤكدوا للأمة أنهم أولاها بمعرفة
الحق والفيئة إليه، فيضربوا بذلك
المثل والقدوة للحاكم المتفرد أو
المستبد، وللزعيم المداهن لأعداء
أمته، وللآخر الذي يمكر بمواطنيه
وشعبه، وللرابع الذي صمم أن يملأ الرحب
بالمقابر الجماعية ليبقى على كرسي لا
يريده شعبه عليه !!
ليست
المقابر الجماعية هي ما يكتشف في
العراق، أو ما ضمت بين جنباتها صحراء
تدمر وحماة أو بطاح تل الزعتر
والكرنتينا فقط ؛ فالمقابر الجماعية
الحقيقية هل تلك البيوت التي أقفل
أصحابها أبوابها على الظلم والضيم
ورضوا به واستكانوا عليه..
إنما
الميت ميت الأحياء
14
/ 5 / 2003
|