برق
الشرق
السفراء
السوريون والثوب الرسمي
أولاً
نزف التهنئة إلى السفير السوري في
إسبانيا (محسن بلال)، الذي أعادت إليه
الحكومة السورية اعتباره، وقررت أن
حديثه عن احتمال لجوء سورية إلى الرد
العسكري، في حال تكرار العدوان
الصهيوني عليها ؛ كان رسمياً وليس رؤية
شخصية للسفير.
ونتلقى
بإيجابية هذا التحول في الموقف الرسمي
السوري، ونتمنى أن يكون للكلام ما
بعده، فمقتضى توجه التفكير إلى هذا
المنحى يتطلب أن تأخذ كل الحسابات
مساراتها حتى النهايات، وحبذا أن يكون
لوزارة الدفاع السورية انشغالاتها
الحقيقية كما لوزارتي الداخلية (!!) و(الخارجية).
في
الدقيقة الأخيرة
نعود
إلى أمر خلع الزي الرسمي، الذي لجأ
إليه السفير السوري (رياض نعسان آغا) في
لقائه على قناة أبو ظبي في برنامج (مواجهة)
الذي أداره جاسم العزاوي وشارك فيه
المواطن السوري أو المناضل السوري
صبحي حديدي. وإذا كان لنا أن نهنئ (سعادة
السفير) على بلاغته المشهود لها، فإننا
نؤكد أن غرباله والحق يقال كان أضعف من
ساطعات الحقائق التي كانت تتابع
تلقائية بريئة مباشرة على لسان
الأستاذ الحديدي.
الذي
أردنا التعليق عليه هو الدقيقة
الأخيرة من البرنامج، الدقيقة التي
أعطيت لسعادة السفير. وأراد أن يقول من
خلالها كلمة طيبة في جنب هذا الوطن،
وفي معادلة صياغة موقفه الجديد.
تملك
الخوف سعادة السفير، خاف وقلبه مع أهله،
وسيفه حيث قال الفرزدق،
أن يخرج عليه مسؤول حقيقي، أو ناطق
مخول فيرد ما يقول.. أو ربما شعر سعادة
السفير أن كلمته الطيبة لا تتناسب
والمقام الرسمي الذي يشغل، فقال: (وأنا
هنا لا أتحدث كسفير وإنما كمواطن سوري..
أنا أعلم أن ثمة جروحات في الذاكرة
السورية وقد آن لهذه الجراح أن تندمل).
لا
ندري لماذا شعر سعادة السفير أن هذا
الكلام أكبر منه كسفير!! وأن عليه إذا
أراد أن يقوله أو أن يفكر في مستقبل
الوطن، أو في مصلحته أن يغمد سيفه، أو
يخلع ثوبه الرسمي ؛ ليعود إلى صفوف
المثخنين بالجراح، يأمل ويحلم، حيث لا
يجد الإنسان لأمله أفقاً، ولا لحلمه
تعبيراً.
كلمة
عابرة نقولها للأستاذ رياض، ونحن نعلم
الكثير عن التربة التي نما فيها،
والماء الذي ترشرش بنداه طفلاً
ويافعاً وشاباً مشمولاً برعاية الشيخ
الحافظ المقرئ (حكمت نعسان آغا) رحمه
الله تعالى.
نحب
أن نقول للأستاذ رياض أن أول الإصلاح
كلمة ثم موقف كما أن أول الغيث قطرة
وأول الربيع زهرة. الإصلاح يصنعه رجال
ينزرعون على طول الوطن وعرضه، ينحاز
كل منهم إلى قلبه لا إلى سيفه، إلى يوم
المقاربة وغد السداد والرشاد.
مخيف
أن يخلع السفير ثوب سفارته ليقول
الكلمة الطيبة التي يعتقد !! وهذا يؤكد
أن رشيم الإصلاح في حبة قمح الوطن،
التي يتعلق بها السيد السفير، مازال في
غياهب الكُمون.
14
/ 10 / 2003
|