برق
الشرق
السفير
الذي عبر عن رأيه الشخصي
بعد
أن غامر السفير السوري لدى أسبانيا (محسن
بلال)، وزعم أن الرد العسكري في حال
تكرار العدوان الصهيوني على سورية أحد
الخيارات المطروحة، عاد، مطلوباً
إليه، أن يرقع الخرق الكبير الذي أحدثه
في جدار خيار (الاستسلام الاستراتيجي)
المطلق، فلف ودار حول تصريحه ليخفض من
نبرته ويقلل من قيمته. إلا أن الرقعة
التي كانت أكبر بكثير من الخرق لم تعجب
صاحب القرار في سورية، فكرّ على السفير
فأرداه، حين وجد أن الرقعة الأنسب في
طعن السفير لا في إحداث فرجة في الجدار
الأملس، فنُسب إلى ناطق رسمي في سورية
أن السفير كان يعبر عن رؤيته الشخصية !!
وكان
الوزير السوري فاروق الشرع قد أخذته
الحمية منذ أسابيع، فتحدث عن الولايات
المتحدة ببعض ما تستحق، وقال في غضون
حديثه إنه لا يعبر عن موقف شخصي وأن
الرئيس بشار الأسد موافق على كل ما
يقول، وأن كل إنسان في سورية يرى رأيه..
الطاسة الساخنة التي سكبها وزير
الخارجية السورية وتناقلتها وسائل
الإعلام العربية، وظن الناس على إثرها
الظنون تجاهلها في اليوم التالي
الإعلام السوري، وأخذ نبذاً إيجابية
أمريكياً يسيرة من حديث السيد الوزير
الطافح بالمرارة والألم التي يشعر بها
كل إنسان سوري فعلاً من سياسات
الولايات المتحدة المتجاوزة في
الصلاقة والعجرفة، ومن الإملاءات
المذلة التي يمليها شارون على فلسطين
ولبنان وسورية، والتي يصر على إسقاط
حقها حتى في إيواء بعض اللاجئين الذين
يشملهم الغضب الصهيوني، ويسعى إلى
تثبيت إرادته هذه بقوة السلاح، بمعنى
أنه لا يحق لسورية أن تستضيف أحداً إلا
بتأشيرة مسبقة تصدر عن حكومة شارون !!
من
شعور طاغ بالمرارة والألم نسأل صاحب
القرار السوري إلى أين يقاد هذا الوطن
مكتوفاً ذليلاً ؟! وبالأمس قال المتحدث
باسم البيت الأبيض إن الفرص
الديبلوماسية مع سورية أصبحت محدودة !!
إلى
أين يقاد هذا الوطن بعد كل التنازلات
التي لا تنفع المراوغة في إنكارها.. إلا
إذا كان منطق النصر الحزيراني مازال
قائماً. وإسقاط حتى التفكير في التلويح
بخيار الرد العسكري كأحد الاحتمالات
الضعيفة الواهنة، والتبري من كل ذلك في
حال يهدد شارون ـ وشارون إذا قال فعل ـ
بالضرب حيثما يريد ووقتما يريد، ويهدد
أحد وزرائه بإحراق دمشق وبيروت وكل من
يقف في وجه الشهوة الصهيونية للقتل
والسيطرة.
في
كلمة واحدة نقول كل البدائل السيئة
المتصورة، والتي يتحاشاها صانع القرار
السوري هي أقل سوء من الوضع الذي يقاد
الوطن إليه !! وصدام المطارد الطريد
أكرم حالاً منه في قصره المشيد.
11
/ 10 / 2003
|