شيراك
العفو
عن القلنسوة والصليب
والإعدام
للحجاب
بالأمس
تحدث الرئيس الفرنسي مطولاً وهو يحاول
أن يلبس قراره العنصري الجائر المتحيز
لبوس العلمانية والبراءة والعدل. تحدث
عن (الحريات) وعن (احترام العقائد) وعن (المساواة
بين الفرنسيين) ولكن كل تلك الديباجة
المنمقة لم تسعف الرئيس شيراك في إقناع
العدول من الناس بأنه أقل تعصباً
وانغلاقاً من أسلافه الذين أحرقوا
يوماً العالم (غاليلو) أو الذين حاكموا
الناس على العقيدة في محاكم التفتيش !!
بحق ظهر بالأمس شيراك بمظهر كاهن (قروسطي)
متعصب زميت !!
مناورة
شيراك السخيفة والمكشوفة في حظر
ارتداء القلنسوة الكبيرة والسماح
بالصغيرة، وحظر تعليق الصليب الخشبي
الكبير على الصدر والسماح بالصليب
الصغير لم تنطل إلا على المتبالهين
الذين يريدون أن يجعلوا من هذا الحظر
تكأة لإقناع المسلمين أنهم غير
مستهدفين..!!
للتوضيح
نحن لا نطالب بحظر القلنسوة أو الصليب،
لأننا نعتبر لبس القلنسوة وتعليق
الصليب هو شأن شخصي خاص، وهما مع أنهما
رمزان محضان فإن من حق كل إنسان حسب
النظم العلمانية أن يعلن عن هويته
بالطريقة التي يريد وفي المكان الذي
يريد. وإنما نذكرهما في هذا السياق
للتأكيد على الثغرة في بناء العدالة (العلمانية)
المنغلقة والمتعصبة والراجفة رعباً
التي تمثلها علمانية الشر في القرن
العشرين.
ما
علق به بعض مشيخة الأزهر الشريف، بأن
موضوع الحجاب في فرنسا شأن فرنسي داخلي
يدعو إلى الخجل، ويؤكد على حقيقة
القطيعة بين الشارع الإسلامي وبين من
يسمون (العلماء الثقاة) الذين يحتلون
موقع المرجعية في العالم الإسلامي..
لأن الحقيقة أن هناك أقلية إسلامية في
دولة من دول العالم يضيق عليها في
ممارسة شعيرة أساسية من شعائر الدين.
فالحجاب في الإسلام ليس رمزاً، وهو
بعيد كل البعد عن المعاني الرمزية،
وإنما هو جزء أصيل من طريقة البناء
الإسلامي للحياة الاجتماعية القائمة
على الصون والعفة والبعد عن إثارة
الغرائز والشهوات.
وقرار
الرئيس شيراك هو جزء من الحملة
العنصرية المتعصبة والمنغلقة التي
يشنها الغرب على الإسلام العقيدة
والشعائر، ويرقص على أنغامها بعض خفاف
الناس في عالمنا.
السؤال
المطروح.. ترى لماذا قام العالم ولم
يقعد على تصرفات حركة طالبان، ورأى
فيها المثقفون والمتنورون عنواناً على
التخلف والضيق والانغلاق.. ولم يروا في
تصرف الرئيس شيراك في عاصمة النور
باريس ما هو أشد تزمتاً وانغلاقاً من
الكثير الذي نسب إلى طالبان ؟!
على
مسلمي فرنسا أن يتحملوا مسؤولياتهم في
الدفاع عن حقوقهم بالطرق القانونية
والسياسية التي تمنحها لهم ظروف
السياسة الفرنسية، عليهم أن يوحدوا
صفوفهم ويجمعوا كلمتهم ليكون لهم
وجودهم الحقيقي وفي الإطار الشرعي
الذي يريدون. وعليهم أن يتأكدوا أن حرب
الحكومة الفرنسية على الحجاب هي أول
السجال الذي ستطول معاركه وتتعدد
جولاته (حتى يردوكم عن دينكم إن
استطاعوا).
أما
نحن أبناء حضارة التسامح الحق والمحبة
والإخاء.. نحن الذين خرج من بين
ظهرانينا إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد
عليهم صلوات الله أجمعين فسنظل الوعاء
الرحب للتعدد الحق وسنظل نحتفل بالفطر
والأضحى والميلاد.
20
/ 12 / 2003
|