برق
الشرق
عاشوراء
... عاشوراء
وتزهر
من دم الحسين الشهادة
عاشوراء...
يومان؛
يوم صالح نجى الله فيه موسى من الغرق،
وأهلك الجبار العنيد فرعون الذي (حشر
فنادى، فقال: أنا ربكم الأعلى..) ثم لم
يلبث بعد أن غلبه الموج أن قال: (آمنت
بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من
المسلمين..) فكان يوم بهجة، يصومه
المؤمنون بالله تأكيداً لمعاني الشكر
على النصر الرباني المعجز.. يقول يوم
عاشوراء هذا لكل العتاة والجبارين (إن
ربك لبالمرصاد.)
ويوم
آخر؛ أزهرت فيه من دم الحسين، ريحانة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
الشهادة، فكان في ثورته على الظلم،
وإنكاره للمنكر، الشاهد على
المتقاعسين والمتخاذلين إلى يوم
القيامة.
لم
يكن مسير الحسين رضي الله عنه إلى
كربلاء، لملك تليد يطلبه،
ولا لدنيا يصيبها، وهم أهل بيت
النبوة معدن الزهد في الدنيا، والترفع
عن دناياها، كيف وطالما ناداها أبو
الحسن (يا دنيا غري غيري قد طلقتك
ثلاثاً..) فكان طلاقها بائناً، منه ومن
كل بَرّ تقي من ذريته.
كان
مسير الحسين رضي الله عنه إلى كربلاء
غضباً لله، ورفضاً لمحطة الاعوجاج
الأولى في تاريخ الإسلام، أن تتحول
الخلافة إلى ملك !! أليس هذا ما قرره حبر
الأمة عبد الله بن عباس، رضي الله
عنهما، يوم أراد معاوية ولاية العهد
لولده، فقال له: (ولكنكم أردتموها
هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل).
(الهرقلية)
هي نقيض الشورى، جوهر الموقف القرآني،
في أمر المسلمين أجمع، بالنص الصريح
القاطع (وأمرهم شورى بينهم). وأي أمر من
أمور المسلمين أعظم من أمر إمام يرعاهم
في معادهم، ويقوم على شؤون معاشهم ؟! لو
كان الحسين قد سار إلى كربلاء طلباً
لملك تليد، لكان أولى بهذا الأمر أخوه
وأبوه من قبل !!
كانت محنة الحسين في كربلاء
بين قلوب الناس وسيوفهم، فأراد، رضي
الله عنه، أن يلقن (محاربيه) و(خاذليه)
وهما في دمه الطاهر سواء، أن العاجز هو
من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله
الأماني.
حب
العترة الطاهرة، من آل بيت النبوة،
والوقوف على ذكرى الحسين يكون في
التأسي به في مقاومة الباطل وإنكار
المنكر، والثبات على الحق. وكل أولئك
المعاني يجمع سواد المسلمين قاطبة،
ويوحد كلمتهم، ويحدد هدفهم.
لو اطلع، أبو عبد الله، على
الأمة تبكيه في ذكراه، لأبكاه تفرقها
وتشرذمها وما هي فيه من ذلة وهوان،
وزوال هيبة وانحطاط قدر، حتى طمع فيها،
كما قال يوماً أبوه، من لا يدفع عن
نفسه، وسامها الذل من ضربت عليه الذلة
والمسكنة
!!
في
مثل هذا اليوم من عام ( 61) للهجرة، امتدت
يد البغي والإثم من أوشاب الناس إلى
ريحانة رسول الله، صلى الله عليه وآله
وسلم، فهصرتها، ومايزال عطر الشهادة
على المدى يفوح ليكون للزهراء أن
تَزهى، فوق مجدها، بمجد اخر هو مجد
الشهادة، فتضم إلى الفخار فخارا :
هي
بنت من ؟!
هي
زوج من ؟!
هي
أمّ مـن ؟!
من
ذا يداني في الفخار أباها ؟!
أو
زوجها أو بنيها ؟! ولداها سيدا شبـاب
الجنـة؛ أبو محمد الحسن، الذي أصلح
الله به بين طائفتين من المسلمين، فكان
عام الجماعة بحلمه ورفقه وزهده وكبر
نفسه وعلو همته. وأبي عبد الله الحسين،
الثائر على الظلم، الذي أبى لدمه إلا
أن يكون الشهيد على الناس.
ما
أحوج أمة الإسلام اليوم إلى رفق الحسن،
يخرجها من إحن (صفين) فيجمع الشمل ويوحد
الكلمة. وما أحوجها إلى إباء الحسين
لتنبئ الغزاة الطامعين أن دم شباب
الأمة شهادة تتفجر.
عزاؤنا
في الحسين جدُّه الذي قال: بل الرفيقَ الأعلى.
وإذا
أصابتك مصيبة تشجى لها
فاذكر مصابك بالنبي محمد
13
/ 3 / 2003
|