برق
الشرق
الرئيس
خاتمي .. أهلاً في الشام
وصل
إلى لبنان فسورية الرئيس الإيراني
السيد محمد خاتمي في زيارة ذات دلالات
وأبعاد، في هذه الظروف المضطربة التي
تمر بها المنطقة، والتي يعيشها العرب
والمسلمون.
تتميز
شخصية الرئيس محمد خاتمي المرتكز على
ثقل (إيران) الثورة الإسلامية، ببعدها
الحضاري والثقافي، وبالرؤية
الإسلامية الإيجابية المنفتحة التي
تتطلع إلى مشروع إسلامي عام يخرج
الإنسان المسلم من رهق التبعية
والشعور بالانكسار.
إن
طروحات الحوار الحضاري التي بشر بها
الرئيس خاتمي في أكثر من محفل تنم على
استيعاب بعيد المدى لمقاصد الشريعة
الإسلامية، ولمعطيات العصر الفكرية
والثقافية والمادية، وانعكاساتها على
مستقبل الإنسانية جمعاء.
يلحظ
السيد خاتمي في طروحاته للحوار
الدائرة الإسلامية الخاصة بما فيها من
خصوصيات وتشعبات يحاول الكثير من
الأعداء في الخارج والقاصرين في
الداخل العزف على تناقضاتها ليوجدوا
انقساماً في هذه الأمة أو يعمقوه، وهو
بالتالي يبقى سباقاً للطرح أو
للاستجابة لكل الدعوات الإيجابية
لصياغة الموقف الإسلامي العام
المتجاوز للفروقات الضيقة التي ارتبطت
بعوامل تاريخية أكثر من ارتباطها
بمعطيات راهنة.
ويتأكد
الدور الإيجابي للسيد خاتمي في إيران (الثورة
الإسلامية) من خلال التيار الإصلاحي
الذي يتزعمه ليؤسس لتيار إسلامي منفتح
على الناس والحياة. وقد اعتُبرت (الجمهورية
الإسلامية) الشاهد القائم على الحالة
الإسلامية العامة. ومن هنا يأتي دور
الأنموذج الذي تقدمه، وأهمية أن يسود
المجتمع الإيراني روح التسامح
الإسلامي العام، بأبعادها الإسلامية
طبعاً، وليس على المقاييس الغربية.
إن
أهمية دور الرئيس خاتمي سيتجلى في
قدرته مع التيار الذي يتزعمه على
المحافظة على الارتقاء بالتطورات
الإيجابية التي يتطلبها العصر ضمن
الإطار الثابت وحول المحور الثابت
الذي تفرضه الشريعة.
إن
التعاون الفعال مع الساحة الإسلامية
ينبغي أن يتركز في جهد إيجابي نوعي
للخروج بالمسلمين من خنادق تاريخية
اندثرت كل مسوغات وجودها.
حين
يزور الرئيس خاتمي بيروت ودمشق لا يمكن
أن ينسى أن ربع مليون جندي أمريكي يفصل
بين أقطار الإسلام هذه، وهي حالة جديدة، قد
بعثت الرهبة في نفوس الكثيرين الذين
يحتاجون في هذه الأيام إلى التثبيت
والإسناد.
في
بيروت ودمشق ليست الحكومات وحدها هي
التي تستقبل الرئيس خاتمي وترحب به،
وإنما يرحب به أيضاً شعب يؤمن في قرارة
ضميره أن هذه الأمة بعضها من بعض.
شعب
سورية يرحب بضيفه بوصفه مفكراً
حضارياً وقائداً إصلاحياً تنويرياً،
وسياسياً يرتكز على ثقل إسلامي له وزنه
ومغزاه. ومن هذه المعطيات، ومن حقيقة
أن هذه الأمة بعضها من بعض، ينتظر شعب
سورية من
الرئيس خاتمي أن يقوم بدور إيجابي في
حماية وحدة العراق، الأرض والشعب، وفي
التأكيد على السماحة واليسر والإخاء
بين المسلمين.
كما يقدر شعب سورية أنه لن
يكون خافياً على السيد خاتمي، وهو
الرقيب البصير، أن
الشعب السوري المسلم بثقله البشري
والسياسي معزول عن مسئولية تحرير
أرضه، كما فعل أشقاؤه في لبنان، أو عن
حماية وطنه كما عزل من قبل أشقاؤه في
العراق، حيث استأثر نظام الوصاية الذي
فرض بإمرة (الحزب القائد) في كل من (بغداد)
و(دمشق) بكل شيء، وعطل قدرات وطاقات
الشعب، وجعل منه (الكل على مولاه).
إن النصيحة الأسمى التي
يمكن لإصلاحي مسلم أن يعمل عليها في
مشروعه هي إتاحة الفرصة أمام الشعوب
لتبني ذاتها وتتحمل مسئولية قرارها
ومصيرها.
حين تقع واقعة مدمرة كالذي
وقع في بغداد تختفي كل قيادات الدعاوى
والادعاءات تحت الأرض، أو تذوب كما
الملح في الماء، بينما تنفرد الشعوب
بمواجهة النتائج المرة تحت الشمس.
فلتعط هذه الشعوب فرصتها، لبناء ذاتها
والدفاع عن عقيدتها وهويتها.
17/
5 / 2003
|