برق
الشرق
مملكة
الشر (الفتوة) وأوروبة العجوز
حين
كنا نراقب مسلسلات الأطفال التي تقوم
على فكرة / حرب النجوم / وعلى أن الأشرار
سيغزون كوكب الأرض لتدميره من مملكة من
ممالك الشر الوهمية، كنا نعلق على أن
القصد من هذه المسلسلات ذات الوجه
الأمريكي أصلاً، أن تحول تفكير جيل
النشء على أن الخطر على الأرض ليس من
ترسانة الأسلحة النووية أو
الكيميائية، ولا هو من الصواريخ
العابرة للقارات ولا من الشركات
المتعددة الجنسيات؛ وإنما هو من غزاة
آخرين يحتاجون إلى أبطال من أبناء
الأرض يعتنقون القيم الخيرة، ويمتلكون
الإرادة القوية لمقاومة هؤلاء
الأشرار، ومن ثم الانتصار عليهم.
الحقيقة
المرة التي تتجسد في هذه الأيام واقعاً
معاشاً، أن الأشرار قد نبتوا على هذه
الأرض، وأن هؤلاء الأشرار قد ملكوا كما
تقول المسلسلات: الشعاع وامتطوا الضوء
وتحكموا في رغيف البشرية، وشربة
مائها، وهم الذين يسعون إلى تدمير هذه
الأرض، وقتل أبنائها: رجالاً ونساء
وشيوخاً وأطفالاً، حتى تطال مخططاتهم
الأجنة في بطون أمهاتهم.
ويتميز
هؤلاء الأشرار عن الأشرار في مسلسلات
حرب النجوم أنهم لا يصرحون بكراهيتهم
للإنسان، وحبهم للسيطرة والتدمير.
وإنما يدعون أنهم الأخيار المتحضرون
وينبذون الآخرين بما هو فيهم من شر
وجمود وقسوة.
منذ
أحداث الحادي عشر من أيلول، والدعاوى
تتطاير من مرتكز الشر العالمي. فمرة
يقسم العالم إلى متحضر ومتخلف، وأخرى
تصنف أديانه خيرة وشريرة، وثالثة يطلق
على بعض دول العالم: لقب (محور الشر)
وهكذا يتم تصنيف أبناء الأرض حسب
موازين الشرير الأول المسيطر على
العالم.
لقد
ادعى هذا الشرير مرة أنه حامل لواء (العدالة
المطلقة)!! العدالة التي تتمثل في حقه
المطلق في القتل والسلب دونما حساب.
ودائماً يقع فعل الشرير الأول على
المستضعفين من الناس، الذين لا تمكنهم
ظروفهم المادية من الدفاع عن أنفسهم،
ولو بقوة الكلمة التي يمتلكها الشرير.
آخر
تقييم طلع به علينا الشرير الأول منذ
أيام، أنه ارتقى مرقاة أخرى في فرز
أبناء الأرض، حيث امتد التصنيف هذه
المرة إلى شركاء هذا الشرير في التاريخ
والمدنية. فأطلق رامسفيلد وصفه الجديد
للأوربيين الذين خالفوه في بعض الأمر
بأن قارتهم (العجوز) لن تعيق مخططات
إرادة الشر في هذا العالم.
إن
المرقاة الثالثة القادمة فيما نظن، هي
أن يقوم هذا الشرير بقسمة أبناء مملكته
أيضاً حسب ثنائية أخرى. فالذين يدعمون
المسيرة التدميرية لهذه الأرض هم
المتنورون أما الآخرون من أبناء الشعب
الأمريكي الذين مازالت القيم
الإنسانية حية في نفوسهم فسيكونون هم
الظلاميون، أو الأوغاد أو أي وصف
سيبتدعه الشرير لهم.
وفي
غياب (الحوت الأبيض) على ما يقول به
المسلسل التلفزيوني الشهير، سيكون
للشرير أن يتمادى، وأن يفعل ما يشاء.
ولكن جميع مسلسلات الأطفال التي
ابتدعها هذا الشرير نفسه أكدت أن النصر
للأخيار في هذا العالم، النصر للأزهار
والأنهار والأمهات والأطفال. وأن
الدمار لدعاة الدمار على هذه الأرض.
28 / 1 / 2003
|