برق
الشرق
سياسة
المحاور .. تضامن أو تفتيت
التضامن
العربي مطلب اجماعي، وهو مطلب بأي حد
من حدوده، فالإنسان العربي الذي بات
يائساً من الوحدة والاتحاد والتضامن
والتنسيق، أصبح يقبل كل صيغة لإيجاد
موقف عربي جامع كلي أو جزئي، لمواجهة
الخطب الجلل المفروض على الأمة من
أعدائها. والمتمثل في المشروعين
الأمريكي والصهيوني على ما بينهما من
تباين واتفاق.
وحين
ينظر المرء إلى أي لقاء عربي من خلال
هذا المنظار سيجد نفسه مندفعاً إلى
دعمه وتأييده وتشجيع حركته لأنه (الشيء)
الذي يفضل (اللاشيء)، أو الجل الذي يقبل
حيث يفوت الكل ؛ ولكن حين ينظر المرء
إلى سياق بعض السياسات المحورية على
نحو ما كان سائداً في العالم العربي في
الخمسينات ومطلع الستينات، فإنه سيجد
نفسه أمام خطوات ظاهرها تضامني،
وباطنها ارتدادي تفتيتي. فبقدر ما يحمل
الوجه الأول من هذه السياسة من تمتين
للروابط أو الاتفاق على المواقف بين
مجموعة عربية محددة، فإن الوجه الآخر
لهذه السياسات سيقع في إطار معاكس، حيث
سيفهم موقف المحور على أنه موجه ضد
أقطار عربية أخرى، أو على الأقل أنه
يسعى إلى تجاوز هذه الأقطار أو التقليل
من شأنها، وهكذا يكون المحور ظاهره
الرحمة والتضامن وباطنه الحقيقي
التفتيت والعذاب.
إن
أمتنا في ظروفها الحاضرة بحاجة إلى
سياسات جامعة تقيم التضامن العربي على
أسسه المتينة، بحيث تحمل الأقطار
العربية بعضها بعضاً، ليكتسب الموقف
العربي قوته ونفاذه وأثره.
صحيح
أن بعض الدول العربية بحكم حجمها أو
موقعها أو إمكاناتها تتمتع بدور
استراتيجي وإقليمي أكبر، إلا أن هذا لا
يجوز أن يفضي إلى حالة التتشرذم، وتوزع
الدول العربية على محاور يجابه بعضها
بعضاً، كما أن هذا لا يخول بعض الدول أن
تدعي لأنفسها من الحق ما لا تقر به
للآخرين !!
إن
من مخرجات سياسات المحاور هذه عدا ما
تخلفه في نفوس الأشقاء من نفور وألم،
أن تدفع إلى سياسات مضادة أو تعويضية
قد لا يكون أصحابها قانعين بها.
على
الجامعة العربية أن تأخذ دورها
للتأكيد على البنى العربية المفتوحة
القابلة لاستيعاب الجميع. وإن الساحة
بكل ما تعج فيه من مدخلات وتحديات لم
تعد مستعدة لقبول المزيد من المحاور
وتبديد الطاقات.
13
/ 8 / 2003
|