برق
الشرق
تنازلات
سورية في عيون الآخرين
امتلأت
قلوبنا بالإشفاق، وبحت أصواتنا
بالنصح، نؤكد أن التنازل تلو التنازل
ليس هو الطريق.. لم نزين أبداً
الانفعال، ولم نطالب بمواقف عنترية.
طالبنا بوقفة صدق مع الذات. وإعادة
ترتيب الأولويات، ومعالجة الأمور
بصوابية أدق، وخطأ أقل. طالبنا
بالتماسك، والصمود، وبفيئة كريمة إلى
الحق تسجل مكرمة لأصحابها، وتساهم في
تدعيم الجبهة الوطنية، وحماية الثوابت
والمصالح العليا للوطن. ولكن كان
الجواب الإعراض عن جميع القوى الوطنية
الصادقة المخلصة، و(شنشنة معروفة من
أخزم) وقعقعة كلام، ودعاوى طالما سمعنا
بمثلها يوم كان بمقدور الممسكين
بناصية الخطاب الرسمي أن يجعلوا من عار
الخامس من حزيران نصراً مبيناً، تقر به
عين الأمة، ولايزالون قادرين فيما نرى
ونسمع على ممارسة المهنة نفسها وتحقيق
الإنجاز ذاته.
في
الغرف الضيقة المغلقة يزخرفون كلاماً،
ثم يصدقونه ثم يعملون على تسويقه،
فمادام الكلام قد أرضى غرور صاحبه
فلابد أن يقنع الأولين والآخرين.
أيها
السادة إن عنوان ما تمارسونه أسوأ من
أن ينطق به. وإن الجناية التي تجنونها
على الأمة، وليس على أنفسكم فقط، أكبر
من أن يسكت عنها. (نظام العراق) لم يدفع
ثمن الهزيمة. ثمن الهزيمة يدفعه اليوم
وسيدفعه ربما لعقود قادمة الشعب
العراقي. نشفق عليكم لأننا نشفق على
وطننا وعلى شعبنا وعلى أنفسنا. فبعض
هذا الرعب الذي تعيشون يكفي. نعلم أنكم
تشعرون أن خياركم يتحدد بين البقاء في
كراسي الحكم أو خذلان الأمة، الحضارة
والإنسان، ولا نريد أن نشير عليكم إلا
بحسن الاختيار.. شيء واحد حقيقي، هو
أنكم إذا قفزتم إلى خيار ثالث، واخترتم
التماسك والصمود والمقاومة، فستجدون
أبناء الوطن كل الوطن معكم. وإليكم
الطريقة التي يقرأ بها الآخرون
مواقفكم، إليكم رؤوس أقلام كتبها
الأستاذ فهد الفانك في الرأي الأردنية
20 / 5 / 2003. وهي غيض من فيض من كلام
الناصحين والمراقبين والمطلعين.
ضغوط
أمريكية وتجاوب سوري
يعتقد
المحللون السياسيون أن أمريكا غير
معنية بتغيير النظام في سورية، وأن
تهديداتها لسورية تهدف لابتزاز
التنازلات السياسية، ولا تعني شن حرب
أخرى في عهد ولاية بوش الأولى، حتى ولو
كانت هذه الحرب ممكنة فنياً ومحدودة
التكاليف.
وحتى
لو أرادت أمريكا أن تشن حرباً أخرى بعد
حربها على العراق فهناك من هو فوق
سورية على قائمة الأهداف، مثل كوريا
الشمالية وإيران، اللهم إلا إذا كانت
سياسة أمريكا تجنب المواجهة مع
الأقوياء والتركيز على الدول التي تقف
في وجه إسرائيل.
يكفي
أمريكا في المرحلة الراهنة أن تحقق
تغييراً في سياسة سورية دون الحاجة
لتغيير النظام، وبشكل خاص تريد أن تضمن
أن سورية لن تكون مصدر إزعاج للاحتلال
الأمريكي للعراق، أو ملاذ لقوى
المقاومة العراقية أو مصدراً لإمداد
المقاومين بالسلاح، وهذا هدف يمكن
تحقيقه بدون حرب.
تعديل
سياسة سورية تجاه العراق هدف أمريكي
استراتيجي، وتلبيته تكفي لتجنب الضربة
الأمريكية المحتلمة، أما التنازلات
الأخرى فيما يخص لبنان وفلسطين فهي
علاوات إضافية تقدم من قبل الاحتياط،
وبدون مقابل يذكر.
وهنا نلاحظ عملية إخراج
التنازلات السورية بأقل قدر من فقدان
ماء الوجه، فالمسؤولون العراقيون
السابقون الذي لجأوا إلى سورية قرروا
فجأة (ومن تلقاء أنفسهم) العودة إلى
العراق والاستسلام لقوات الاحتلال،
والمنظمات الفلسطينية التي كانت تتخذ
من دمشق مركزاً لقيادتها ارتأت (من
تلقاء ذاتها) أيضاً أن تغلق مكاتبها في
دمشق وترحل منعا لإحراج سورية، ومن
يدري فربما حزب الله سيعلن (بملء
إرادته) أنه لم يعد بحاجة إلى السلاح
الإيراني والدعم السوري، وبفضل أن
يتحول إلى حزب سياسي يناضل سلمياً عن
طريق البرلمان!
فيما يتعلق بفلسطين فقد
وجدت سورية أخيراً أن ما يقبله ياسر
عرفات ومحمود عباس سيكون مقبولاً
لسورية، وربما تكتشف أن شواطئ بحيرة
طبرية ليس لها قيمة تبرر بقاء الجولان
تحت الاحتلال الإسرائيلي.
من حق سورية أن تحمي نفسها
من المخاطر وأن تقرر ما تراه مناسباً
تجاه الإملاءات الأمريكية بعد أن رأت
ما حدث للعراق وفهمت ما يمكن أن يحدث
لسورية، ولكن كثيرين يعتقدون أن
المسؤولين في سورية ذهبوا بعيداً في
التجاوب مع (الاقتراحات) الأمريكية
وكأن الخطر داهم مع أنه ليس كذلك.
22
/ 5 / 2003
|