برق
الشرق
هل
الصمود ممكن ؟!
في
ظل الهجمة الأمريكية الصهيونية،
والجهد المبذول للعودة بمنطقتنا إلى
مرحلة (الاستعمار) المباشر أو غير
المباشر، وفي ظل الاختلال البين في
ميزان القوى لصالح العدو؛ يتساءل
المواطن العربي: هل الصمود ممكن ؟! ولا
سيما بعد أن جرب هذا الصمود تحت
لافتتين: إسلامية محضة في أفغانستان،
وبقيادة طالبان، القوى الإسلامية
الأكثر تشدداً. وقومية بقيادة حزب
البعث العربي الاشتراكي وصدام حسين.
وكانت النتيجة في الحالتين كارثية،
باعثة على اليأس والتشاؤم. حيث لم تنفع
(الإيديولوجية) الحارة، ولا الشعارات،
ولا قوة القلب أو رباطة الجأش، في صد
العدوان، أو تلقين المعتدي الدرس الذي
تطلع إليه أبناء الأمة أجمع، حين ذابت
الفروق، وشعر الجميع بوحدة الخندق
ووحدة المصير.
ومن
هنا يستمد السؤال المطروح وجاهته، هل
الصمود ممكن ؟ وهل المقاومة ممكنة ؟
وهل ستكون نتائجهما في ميزان المصالح
والمفاسد مقبولة ؟!
كثير
من المبشرين بالأفكار الغربية ومن
حملة الأقلام لا يترددون في الإجابة
على السؤال، ولا يتلعثمون: إن العالم
يعيش حقبة أمريكية، فعلينا أن (نتأمرك)،
وأن نرضى بما يقسم لنا الأمريكي،
نستمتع بالقليل، ونغضي عن الكثير،
لئلا نفقد كل شيء مع الهزيمة والذلة
والانكسار!!
هذا
الكلام يكتبه المنفرون بالتيئيس
والتخذيل كل يوم في الصحف العربية،
وتبثه في كل ساعة فضائيات عربية،
وتمارسه سياسات ومناهج حكومات عربية
وإسلامية تمتد من طنجة إلى جاكرتا.
وهو
مبدأ عام يغطي مساحة واسعة من المقدسات
والثقافات والأوطان والنظم والقوانين
والاقتصاد والاجتماع والعادات
والتقاليد، وأعداد الجند، ونوعيات
السلاح، والسلعة المستهلكة، وشكل
اللباس ونوعه ولونه.. إلخ.
كل
ما تسمح به أمريكا فهو فضل منها، وكل ما
تمنعه عنك، فليس من حقك، لأنه ليس من
قدرتك أن تدافع عنه !!
وعلى
الطرف الآخر، جمهور عريض من أبناء
الأمة يغلي غلي المرجل، يرفض المنطق
السابق جملة وتفصيلاً، وهو يهوج
ويموج، يطالب بمواقف ذات حدة وقوة في
مواجهة الإملاءات المتغطرسة التي لا
يمكن أن يقبل بها حرّ شريف.
ويعود
النفر الأول للظهور بمظهر المتعالي
على مجموع الأمة، ليصفهم بالغوغاء
والدهماء والعاجزين عن رؤية العصر
واستيعاب المتغيرات !!
في
تصورنا أن الأمة لم تكن في مطلع القرن
العشرين عندما ابتليت بالهجمة
الاستعمارية أحسن حالاً مما هي عليه
اليوم. وإنما يكمن الفرق في خيار
الإنسان النفسي، أيختار الصمود
والمقاومة أم يختار الهزيمة والانحلال
والتراجع ؟ وعلى ضوء هذا الاختيار
الأول: الفردي والجماعي تتوضح معالم
طريق كل فريق.
المقاومة
لا تكون بين قوى متكافئة، لأن الصراع
بين القوى المتكافئة تسمى حرباً،
وإنما تكون المقاومة بين ضعفاء
وأقوياء، على اختلاف مجسدات القوة
وألوانها. وفي كل الظروف والأحوال
يستنبط المقاومون أساليبهم الموضوعية
المحددة والمؤثرة، التي تجعل
لمقاومتهم معناها وجدواها. إصرار
المقاومين وروح التضحية والفداء التي
تتملكهم هي محددات طريقهم إلى النصر
الذي يريدون.
مشكلتنا
في العصر الذي نعيش أن الكتلة
الرخوة
بين
ظهرانينا هي التي تمتلك
السلطة، وتمتلك الموقع والإمكانية،
وإلى جانب ذلك امتلكت الجرأة لتزيين
الهبوط، وتجميل الانحلال، وحتى في هذه
الأجواء سيكون للمقاومة أساليبها في
التصدي على جبهتين العدو الخارجي،
وظهيره (الجبار الخوار !!)
سورية
التي تقع اليوم في قوس التهديدات
الأمريكية والصهيونية مدعوة للصمود،
وكل من فيها مدعو للمقاومة. وعلى الذين
يفكرون بالتعاطي مع هذه التهديدات
بطرائق أخرى، أن ينزاحوا من طريق
الإرادة العامة، قبل أن تزيحهم.
11
/ 5 / 2003
|