صحيفة الشرق العربي

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الجمعة 18 - 04 - 2003م

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |   ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |ـ

.....

   

رؤية

 برق الشرق

الخطأ في المعادلة السورية الداخلية

براغماتية النظام ومثالية المعارضة

ثمة خطأ في المعادلة السورية الداخلية. هوة تفصل بين (النظام) و(المعارضة) لم يفلح أحد منذ أربعين عاماً، هي عمر حكومة البعث بأطوارها المختلفة، ردمها أو تجسيرها.

النظام: ربما يكون الوحيد في العالم المتبقى من النموذج الشمولي السوفييتي. القائم على الحزب الواحد، وأجهزة الأمن، ودوائر السيطرة والحظر اللامحدودة.

والمعارضة: هي الجسم الوطني العام، تتمثل في إرادة تحرر حالمة، تنبع من أرض الوطن، وتنتهي عند آفاقه. تمتلك الروح وتفتقد الجسد. تمتلك الإرادة وتفتقد الأداة. تمتلك المشروع وتفتقد البرنامج.

تطالب المعارضة بالاعتراف بحقوق الإنسان، وبحياة كريمة للمواطن، وتكاد تكون يائسة من الجهر بحقوقها في مشاركة سياسية عملية، تتحدث عن التدرج، وترضى بالقليل.

في إطار الحملة الأمريكية المستأنفة ضد سورية بعد العراق، يجمع المعارضون السوريون في الداخل والخارج، برومانسية فريدة أنهم ضد التهديدات الأمريكية لسورية، يعلنون ذلك بلهجة حادة، تفتقد الأفق الديبلوماسي، وأنهم مستعدون للعودة إلى وطنهم للانخراط في الدفاع عنه في وجه أي عدوان محتمل.

هذا الموقف الوطني الغارق في الرومانسية من يمين المعارضة السورية ويسارها، لم يجد صدى له في دمشق، وإنما قوبل بتجاهل ولامبالاة وصلت إلى حد امتناع سورية عن قبول أسر المعارضين من الرفاق البعثيين في العراق، العالقين على حدود وطنهم، بينما تتهم الولايات المتحدة سورية بإيواء قيادات بعثية عراقية، ولعل هذا من عجيب المفارقات !!

وتكمن المفارقة الأكبر في الارتياح الكبير الذي استقبلت به دمشق تصريحات البطريرك اللبناني الماروني نصر الله صفير، كانت تصريحات البطريرك أقل حماسة من تصريحات رجال المعارضة السورية، ولكن الاهتمام البالغ الذي حظيت به هناك فاقت توقعات أصحابها.

الكل يعلم أن للبطريرك صفير وزنه الذاتي المعتبر في البنية اللبنانية، ولكن وزن المعارضة السورية داخل سورية، مع الفارق النسبي، ربما يكون أرجح وأخطر؛ إلا أن الأفاق الإقليمية والدولية للقضية اللبنانية ولموقع البطريرك صفير هي التي جعلت القيادة السورية تتعامل معه على نحو مختلف !!

مفصل الخطأ في المعادلة بين النظام والمعارضة يكمن في المثالية الرومانسية المطلقة للمعارضة السورية، القائمة في فراغ إقليمي ودولي، والمعتدة جداً بمرتكزاتها الشعبية القوية والمكبوتة، كما في البرغماتية المطلقة للنظام السوري الذي لا يقيم وزناً إلا للحسابات المادية المحضة.

وبينما تنشغل المعارضة السورية بتتبع التهديدات الأمريكية لسورية، وتنبري للتصدي لها، أو للدفاع عن وطن تحرم من التنفس فيه، يدير النظام ظهره لهذه المعارضة ليعيد تقويم الموقف الدولي والإقليمي بعد احتلال العراق، للوصول إلى الاتفاقات التي تكفل استمراره واستقراره مع الولايات المتحدة.

سورية تستجيب للمطالب الأمريكية

تصرح مديرة الإعلام الخارجي بثينة شعبان أنه على الرغم من الاتهامات الأمريكية المتزايدة لسورية تجري دمشق وواشنطن حواراً هادئاً وبناء، وكشفت عن أن السفير الأمريكي في دمشق ثيودور قطوف يزور الخارجية السورية مرة كل يومين. كما تؤكد الخارجية السورية أنها ستتعاون مع المطالب الأمريكية. وتؤكد الدكتورة شعبان أن التصريحات الأمريكية الأخيرة ضد سورية ليست سلبية بالصورة التي تبديها بعض وسائل الإعلام.

إلى جانب هذا الجهد الديبلوماسي والسياسي، للاستطلاع وتقدير الاستحقاقات وطرائق الإخراج، بادرت الحكومة السورية إلى تنفيذ الأقرب من المتطلبات الأمريكية فأغلقت الحدود بحزم مع العراق، ضد أي لاجئ عراقي محتمل، حتى أنها، كما تقول المصادر الفلسطينية، رفضت دخول  المناضل الفلسطيني أبو العباس إلى سورية، عندما وصل الحدود يوم الجمعة 11/4، مما أوقعه في أيدي الأمريكيين.

المعارضة تلتحم بالبعث والبعث يتبرأ من مؤسسيه(1)

وبينما تبادر المعارضة السورية إلى إعلان التحامها بالسلطة للدفاع عن سورية بدأ البعث السوري يعلن براءته من مؤسسيه، ومن تاريخه الحزبي الطويل، ويشن حملة عنيفة على حزب البعث في العراق، متهماً إياه بأكثر مما تتهمه الولايات المتحدة، ويؤكد أن العلاقة بين الحزبين هي من قبيل المشترك اللفظي، تقول البعث السورية في افتتاحية الأربعاء 16/4 معلنة براءة البعث في سورية من نظيره في العراق (... لكن الحقائق والوقائع يعرفها كل مراقب ومتابع ومنذ عام 1966 لم يقم أي اتصال أو علاقة أو حتى اعتراف متبادل بين البعث والتنظيم الآخر الذي تدثر باسمه (!!) بل إن البعثيين هناك اضطهدوا فمنهم من أعدم أو ألقي في غياهب السجون) تصر صحيفة البعث على التبري من الرفاق في العراق فتبخل عليهم، على الرغم من النشأة المشتركة ووحدة المؤسسين للحزب، حتى بالاسم فترى أن ثمة أحزاباً كثيرة في العالم تحمل الاسم نفسه على الرغم من استقلالية كل منها عقيدة وتنظيماً. وعلى المنهج نفسه تسير تشرين في نفس اليوم إذ يكتب الدكتور الصايغ (أردنا الإشارة فقط في لحظة الاستحقاق والتذكير بحقيقة يعرفها القاصي والداني فبعثنا غير حزبهم منذ عام 1966 وتحديداً في حركة 22 شباط عندما طرد الحزب الخارجين عن المبادئ والقيم حيث فروا والفرار غريزة كما يبدو شتاتاً إلى بيروت واستقر بهم الحال في بغداد).

طبعاً لن نذكر الدكتور الصايغ أن من بين هؤلاء الذين يتهمهم بالتنكر لمبادئ الحزب الأساتذة المؤسسون كما يقولون هم (ميشيل عفلق وصلاح البيطار وأكرم الحوراني)، ولأن هذا شأن حزبي خاص فلا علاقة لنا به. وإنما أردنا أن نؤكد أن النظام في سورية باشر فوراً ببراغماتيته المعروفة حلحلة نقاط الخلاف مع الولايات المتحدة !!

سيخيفنا ويقلقنا بالطبع أن تُدفع فاتورة الاستحقاقات الأمريكية من حساب وطننا ومنطقتنا على المحاور الثلاثة: الداخلي والعراقي والفلسطيني؛ إذ ستكون الولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل، قد حققت بذلك نصراً أبعد مدى من انتصارها في العراق، ولكن بلا حرب، حسب تعبير الرئيس الأمريكي نيكسون في كتابه (نصر بلا حرب).

ستتم معالجة التهديدات الأمريكية في الغرف المغلقة، وبكتمان شديد. كما يشير الساسة الأوروبيون والأمريكيون. والتنازلات التي ستقدم للولايات المتحدة ولمن وراءها وأمامها، وإن كانت تاريخية خطرة، ولكنها ستكون أكثر جدوى من تنازل يقدمه النظام لمعارضة مثالية، أو لمئات العجائز والأطفال على حدود العراق، أو لبعض نزلاء المطامير.

إن الجهد المثالي الذي يبذل في غير محله، لا يزن في ميزان البراغماتية المادية قطميراً. وسيكون البراغماتيون أقدر على الدفاع عن مصالحهم وعن وجودهم. إن على المعارضة السورية أن تكسر ثنائية الموقف الذي تراه صعباً وأن تضع للوطن أجمع: حضارة وإنساناً وأرضاً البرنامج الذي يصونه ويحميه. يصونه من العابثين، ويحميه من الغزاة الطامعين.

18/04/2003


(1) تابع على موقعنا (متابعات) متابعة سياسية رقم 715 تاريخ 25/2/2003 تحت عنوان (ما مدى عمق التواطؤ في العراق). وإن كنا نتحفظ على كثير مما ورد في المتابعة المذكورة والمترجمة عن معهد واشنطن.

السابق

 

   

for

S&CS

 

 

المحتويات

 
  الموقف  
  برق الشرق  
  رؤية  
  اقتصاد  
  كشكول  
  غد الوطن  
  حوارات  
  تراث  
  بيانات وتصريحات  
  بريد القراء  
  قراءات  
  شآميات  
 

 

  اتصل بنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

 ـمركز الشرق العربي |   التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرق  |ـمشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد ـالموقع | كــتب | مجموعة الحوار | ابحث في الموقع |ـ

| ـالموقف |  برق الشرق  | رؤية  | اقتصاد |  كشكول  | غد الوطن  |  حوارات  | تراث  | بيانات وتصريحات |  بريد القراء |  قراءات  | شآميات  |  ـ