برق
الشرق
سورية
.. إذ يصلب الكبرياء الوطني
يظل
الإنسان السوري معتداً بخصوصيته:
بكبريائه الحضاري وهو يعيش إرادة
النهوض. وكبريائه الوطني وهو يعاني
استلاباً ونهباً ولسعاً وتشريداً
وحرماناً. لم تستطع العجاف الأربعون
بما كان فيها من قسوة أن تنال منه، أو
توهن من عزيمته.
حين
فتحت النار العادية على الشقيق الجار
في العراق، كان موقف الإنسان السوري
العام، على اختلاف التوجهات
والانتماءات والولاءات، منحازاً إلى
العراق: الحضارة والوطن والإنسان. لم
يقبل إنسان سوري واحد المعادلة
المعكوسة في إرادة التحرير أو التغيير.
كما
أن أحداً لم يقبل أن يناقش في ذاك
السياق، حقائق العدل والظلم، أو
الصواب والخطأ، أو الحق والباطل، لأن
هذه الأمور كانت محسومة أيضاً. كان
المرفوض أن يسير الإنسان على رأسه، أو
أن يسعى إلى حتفه بظلفه. لم تنبع هذه
الرؤية من استصغار لشأن الاستبداد، أو
من تهوين لظلم ذوي القربى، فظلم ذوي
القربى، في قرارة العربي، أشد مضاضة؛
ولكنه كان فقهاً يميز بين إرادة
المستبد في التطويع والتركيع وبين
إرادة الغازي في التذويب.
ويبقي
شأن الإنسان المخلوق من عجل ومن ضعف أن
يفر دائماً من عبء اللحظة وألمها.
وهكذا يجد بعض الناس خلاصه من لحظته
بالموت، فيلجأ إلى الانتحار، ويود
البائسون اليائسون في يوم الحشر أن
يقضى فيهم ولو إلى النار !!
وحين
فتحت النار من ثم على سورية، جداً أو
هزلاً، وتتابعت الاشتراطات الخارجية،
وتتايعت معها مواقف من ظُنت فيه بقية
من حفاظ، تجلبب المواطن السوري بجلباب
الكبرياء الوطني، ووقف أبناء سورية
أجمع على مدرجة الطيف العقائدي
والإثني والسياسي، يرفضون ما قبل به
المتساهلون، ويتمسكون بما تخلى عنه
الخائفون: الإرادة والسيادة والأرض
والرحم.
على
خشبة التيئيس والإغراء يحاول البعض
اليوم تعليق هذا الكبرياء كما حاول
الإسخريوطي والروماني من قبل مع
المسيح عليه السلام. وهذه هي المحنة
والامتحان. لتتكسر النصال على النصال،
وليتردى الواهنون ما شاؤوا في دوامات
الكبر والضلال.. وليبق لسورية إنسانها
بجهده الإيجابي الوطني الخالص لا يهون
ولا يلين، حتى يصنع فجر خلاصه بأظافره،
فالخلاص الذي يأتي به الآخرون يذهب به
الآخرون أيضاً.
22
/ 7 / 2003
|