برق
الشرق
الانتخابات
السورية
لون
حائل ... وظل مائل
تأتي
أهمية الانتخابات لما يسمى بمجلس
الشعب السوري، من كونها الانتخابات (البرلمانية
!!) الأولى، التي تجري في عهد الرئيس
بشار الأسد ، وعلى هذا فقد توقع لها
الكثيرون أن تكون مولجاً لانفتاح طال
ترقبه، يلقي فيه الرئيس العهدة على (مجلس
الشعب)، ويخفف عن نفسه عبء الجدال أو
الخصام مع من يُزعم أنه (الحرس القديم
!!).
كما
تأتي أهمية هذه الانتخابات أيضاً من
الظروف الدولية والإقليمية التي تمر
بها المنطقة، والتي من ضمنها،
استحقاقات ما بعد الحرب على العراق، إن
هي وقعت، واستحقاقات الوعد الأمريكي
بعلاج الملف الفلسطيني، وملف السلام (السوري
ـ الإسرائيلي) الذي ما فتئ الساسة
السوريون يظهرون حسن النية تجاهه بروح
عالية الديبلوماسية والرقة واللطف (تابع
تصريحات بثينة شعبنان، وفاروق الشرع،
ومندوب سورية لدى الأمم المتحدة..)
نقدر
أن هذه الظروف تقتضي (مجلساً) أصدق
تمثيلاً، وأقوى إرادة، وأكثر قدرة على
دعم صانع القرار السياسي، الدعم
المناسب بـ (لا)، كما بـ (نعم)، فيما
يبدو أن صانعي القرار في سورية يذهبون
مذهباً آخر، حين يحرصون على أن تكون
تركيبة المجلس (هينة لينة طرية)، (لا
تسير في ركابهم فقط، وإنما تتبع غبارهم).
وهم من هذه الرؤية حريصون كل الحرص على
ألا يواجهوا تجربة أخرى من مثل تلك
التي فرضها عليهم النائبان: رياض سيف
ومأمون الحمصي !!
منذ
البداية كان الحديث عن الانتخابات
يتسلل عبر وسائل الإعلام الرسمية
متردداً واهناً، وكأنه (صلاة منافق) !
ثم
كانت الخطوة التالية في إدارة الظهر
لبعض القوى السياسية التي حاولت، أن
تلج دائرة الحضور السياسي بالمطالبة
ببعض الإصلاحات التي تعطي الانتخابات
مغزاها ومعناها، ومع أن هذه القوى (يسارية
وقومية) وليست من مدارس (الثورة
المضادة) أو (الرجعية الأصولية !!) إلا
أن الرسميين وجدوا في المقاطعة التي
أعلنتها هذه المعارضة للانتخابات فرصة
ذهبية، ولم يكلفوا أنفسهم أن يفتحوا
باب حوار،
يكثرون منه سوادهم، ويجمعون من خلاله
فريقاً من أبناء الشعب إلى جانبهم.
وهكذا
انقطع الحديث عن قانون انتخابات جديد
يتلافى ما في القانون السابق من خلل،
ويتناسب مع مرحلة (التحديث
والتطوير)
التي
يكثر الإعلام السوري الحديث عنها.
وفرضت الانتخابات في ظل قانون لايزال
يعتبر الحزب الواحد هو القائد للدولة
والمجتمع ويخصه بنسبة عليا من أعضاء
مجلس الشعب، كما يخص طبقات اجتماعية
أخرى بنسب موازية، ويفتح الوحدات
الإدارية في المدن والأرياف بحيث يفرض
على المواطن أن ينتخب من لا يعرف أو من
لم يسمع به قط؛ لتكون الغلبة بالتالي
لقوائم الجبهة التي توظف كل إمكانات
الدولة (الإعلام والاتصالات والأموال…)،
إلى جانب وسائل الإغراء أو الإكراه
الأدبي، وأحياناً المادي لتحقيق
أهدافها.
وهكذا
اعتبرت (القوى اليسارية) نفسها معذورة
في مقاطعة هذه الانتخابات، حيث قدرت أن
مشاركتها ستكون معبراً لادعاءات رسمية
كثيرة، تحمل تبعاتها دون أن يسمح لها
بالقيام بأي دور يذكر في الحياة
السياسية العامة.
ثم
يلحظ المراقب ، هذا الفتور الرسمي عن
متابعة الشأن الانتخابي، أو إشاعة
أجواء التنافس الشريف بالنسبة
للمواطنين. ويبدو أن اللعبة
الانتخابية، غدت (مهزلة)
فنية بمعناها الدقيق، فقد استثقل
القائمون على الأمر في دمشق ظلها،
وملوا من رعاية الدور الرتيب في متابعة
فصولها، لذلك أطفؤوا أنوار المسرح،
وقطعوا الكهرباء عن مكبرات الصوت، لأن
ثمن صراخ الممثلين معروف: (نعم)
من الممثل يقابلها الراتب والسيارة و(المآرب
الآخرى) من المخرجين !!
أما
استحقاقات المرحلة وحكايات الحرية
والتحديث والتطوير ومحاربة الفساد
والاعتراف بالآخر في طريق
الديموقراطية ذي المسربين حيث يستمد
حقي من حق الآخرين كل أولئك:
حديث
خرافة يا أم عمرو
25
/ 2 / 2003
|