برق
الشرق
سورية
الانتخابات
.. المرشحون .. المقاطعون
حين
تقرر المعارضة اليسارية في سورية
مقاطعة الانتخابات ـ وتأمّلْ مزيداً
قولنا اليسارية ـ فإنها تمتلك بلا شك
أكثر من تسعة وتسعين مسوغاً معتبراً
لهذه المقاطعة، وأول هذه المسوغات
الحيف المسبق الذي يتضمنه قانون
الانتخابات ومن قبل الدستور السوري
لصالح فريق وطني ضد فريق.. وربما يكون
آخرها، وليس أقلها أهمية فوهة
الزنزانة المفتوحة لابتلاع أي نائب
معارض، ولو كانت معارضته في مستوى
الكلمة التي نطق بها النائب رياض سيف
أو زميله مأمون الحمصي.
إذا
كان هذا تقدير معارضة يسارية علمانية
للموقف العام من الإخراج (الديمقراطي)
في سورية، فماذا يمكن أن يكون تقدير
المعارضة الإسلامية، على اختلاف
مسارات تيارها العريض بمشاربه
وتوجهاته المختلفة، المعارضة الذي
مازال يحكم على عمودها الفقري المتمثل
في الإخوان المسلمين (بالإعدام) بموجب
القانون 49 لعام 1980، وعلى يمين هذه
الجماعة كما على يسارها ثمة العديد من
المدارس والشخصيات الإسلامية لم تقارب
يوماً مدرسة السلطان، ولم تأكل خبزه،
ولم تفكر مطلقاً أن تضرب بسيفه !!
وتمتلك هذه المعارضة غير المنظمة رغم
الرهق السياسي والأمني المفروضين
عليها، حظاً من صندوق الاقتراع، يجعل
الكثيرين يتهيبون منها، ويسدون
المنافذ في وجوهها.
قرار
المقاطعة اليساري مقدر ومحترم، كما
قلنا، وله حيثياته السياسية والأمنية
كما أن له مخرجاته المستقبلية
الإيجابية أيضاً. ولكن يبقى للمعادلة
الوطنية وجهها الآخر؛ فالظروف الصعبة
التي تمر بها المنطقة، والقطر، وروح
المثابرة والدأب الإيجابي الذي ينبغي
أن يصاحب العامل في الحقل العام،
وإرادة الإصلاح ولو بكلمة و(أفضل
الجهاد كلمة..)؛ كل هذه المعطيات توجب
على كل من حضر وقدر من أبناء شعبنا أن
يعيد النظر في تقويم الموقف قبل أن
تفوت الفرصة.
إننا
إذا كنا لا ننتظر تغييراً إيجابياً
شاملاً، من مجلس أحكمت مدخلاته ليكون
تكملة، لا فعلاً ولا فاعلاً، فإن هذا
لا يمنع أن يكون في غمار الملأ العام
رجل مؤمن ينطق بكلمة الحق في ساعة
يقتضيها المقام.
ثم
إن ما آل إليه أمر النائبين رياض سيف،
ومأمون الحمصي هو انتصار حقيقي لمسيرة
الديمقراطية في قطرنا. فمآل هذين
الفاضلين ورفاقهم يمثل أول القطر، في
كسر حاجز الخوف، وانبثاق إرادة التحرر.
إن
وجود نائبين يقولان: ( لا ) يشارك في
تحويل مجلس (الشعب !!) إلى مجلس نواب،
ويرفع الوصمة عن شعب ما عرف عنه في
تاريخه الطويل إلا الإباء الإيجابي
البناء.
لو
فرض علينا أن نزيح صخرة الاستبداد
الصماء عن صدر قطرنا وشعبنا بإبرة
لاعتبرنا الإبرة معولاً فاعلاً،
ولقبلنا التحدي بجد وعزم عسى الله أن
يأتي بالفتح أو أمر من عنده.
ومن
هنا تأتي دعوتنا الأولية لكل القادرين
على خوض غمار التحدي ألا يفوتوا فرصة
للولوج إلى ميدانه مهما كان ضيقاً
وحرجاً، كما تأتي دعوتنا إلى كل
الأخيار من أبناء شعبنا على اختلاف
توجهاتهم وانتماءاتهم أن يكون شعارهم
في الخيار الآتي (إِنَّ
خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الأمِين).
29
/ 1 / 2003
|