التراشق
بالإرهاب
من
هو الإرهابي شارون أو أحمد ياسين ؟!
راكب الدبابة المحتل المتغطرس أو
الطفل الذي يرمي بالحجر ؟! النساء
الحوامل على الحواجز يلدن.. أم الجندي
المتأبط للبارودة الأمريكية والرصاصة
الأمريكية يقتل بها حيثما أحس بالذعر،
وهو يحسب كل صيحة عليه ؟! محمد الدرة
وكل الرضع الذين قتلوا، في دفاع
الإسرائيلي عن نفسه !!، أم القتلة
المجرمون الذين لا يبالون أين تقع
قذائفهم.. ؟!
من
هو الإرهابي ؟!
سؤال ليس من
مصلحة من يريد حرب الإرهاب أن يثير
خلافاً حول جوابه، لأن المستفيد الأول
من هذا الخلاف هو الإرهابي الحقيقي..
لم
يختلف السواد الأعظم من أبناء
المسكونة في تصنيف أحداث 11/9 ولا أحداث
الرياض والدار البيضاء ومدريد والنجف
وكربلاء.. وكان الإجماع على فرز هذه
الأفعال وتصنيفها في قائمة الإرهاب
ورقة قوة حقيقية لكل من يريد أن يحاصر
الإرهاب ويقاومه..
إن
الاستراتيجية الناجحة أن نضيق دائرة
الحرب لا أن ننشرها.. ثمة بضع مئات أو
بضعة آلاف يقلقون أمن العالم، يثيرون
الزوابع بين أبنائه، والمطلوب أن
نتعاون جميعاً لتطويق البؤرة، وامتصاص
الاحتقان ثم معالجتها بأول العلاج
وآخره على السواء.. هذا هو منطق
الأسوياء.
ولكن
حين يستدرج القصور أصحابَه فيصنفون كل
من خالفهم الرأي أو الموقف تحت عنوان
الإرهاب مأخوذين بغرور القوة والسطوة..
فإنهم سيكونون كمن يخرب بيته بيده.
حين
يعلن بوش وإدارته الشيخ أحمد ياسين
إرهابياً !! فهو يقول لخمس أبناء
المسكونة أنتم إرهابيون. وحين يعلن
الحرب على حركات المقاومة تحت مسمى
الإرهاب فإنه بذلك يحول السمكة التي
يعجز عنها في حوضها الصغير إلى البحر
المحيط مؤكداً أنه سينتصر.. !!
إذا
كانت الديموقراطية التي يبشر بها
الرئيس بوش تسمح له أن يقول: إن شارون
رجل سلام وأن أحمد ياسين استحق القتل
لأنه إرهابي.. فإن الديموقراطية نفسها
هي التي تسمح للآخرين أن يردوا على
الرئيس قوله، وأن يقولوا بأن شارون
وسياساته وسياسات من يدعمه هي أصل
البلاء، ومنبع الشرور، ومعدن الإرهاب
وصورته.
وإذا
كانت الإدارة الأمريكية تملك من قوة
الصوت والسوط ما تجعل البعض يذعن لها
ولو إلى حين.. فإن الشعوب وإن بدت منهكة
أو مستضعفة أو مغلوبة تملك الإرادة
التي تعطيها القدرة على البقاء
والاستمرار.
لم
يسجل التاريخ قط أن نازياً مثل (هتلر)
أو فاشياً مثل (موسوليني) أو أحمق مثل (نيرون)
استطاع أن يكون الأبقى في حياة
الإنسانية، وإن كان الأقوى إلى حين !!
إن
أول ملامح الفشل في قيادة الحرب على
الإرهاب، التي تتزعمها الإدارة
الأمريكية، هو تحويل (الإرهاب) من
موضوع إجماعي إلى موضوع (خلافي)،
والانتقال بالصراع من صراع مع أفراد
إلى صراع مع أمم وحضارات. للقوة كما
للخمرة سكرتها ونشوتها ولكن عقلاء
العالم لا يسكرون ولا ينتشون.
31
/ 3 / 2003
|