آخر تحديث يوم الثلاثاء 11 - 11 - 2003م

.....

برق الشرق

تفجير الروح على أرض الإسلام

الانفجارات التي وقعت بالأمس في مجمع سكني في الرياض، وأصابتنا في ذاتنا وكينونتنا هي انفجارات في الروح المسلمة، في ليالي رمضان التي لطخ نزيف الدم البريء بهاءها، وعكر نوح المصابين صفاءها.

لا يستطيع الإنسان أن يجد أي سياق شرعي أو إنساني أو منطقي لمثل هذه الأفعال المغرقة في الفوضى والطيش واللاغائية، التصنيف الوحيد الذي يمكن أن تحتله هذه الأفعال هي أنها الوجه الآخر لعدوان بوش وإدارته على هذه الأمة، وهي بالتالي صورة من صور الانتقام من الذات في لحظات يستعر فيها الغضب ويختلط باليأس والإحباط.

إن استنكارنا للفعل وإدانة مرتكبيه لا يعني أن يغمض الإنسان عينيه عن الأبعاد الدولية والإقليمية والسياسية والثقافية المنتجة للمناخ والفعل على حد سواء.

وإذا كانت حصاة ترمى في البحر الأبيض المتوسط جديرة برفع منسوب المياه في المحيط الأطلسي، فإن من حقنا أن نربط هذه الأفعال النزقة بأبعادها، وهذه المآسي بسياقها الدولي الذي يمارسه بوش وشارون على أبناء هذه الأمة فيسعر في نفوسهم شعور النقمة وشعور السخط ويدفع فريقاً منهم إلى هذه السورة من الاندفاع نحو تدمير الذات.

لا شك أن بوش بما يمتلك من أجهزة رصد وبحث يدرك أن مخططه قد نجح في دفع هؤلاء ليكونوا في مقام من قال الله فيه (يخربون بيوتهم بأيديهم..) ولا شك أن بوش، وإن تظاهر بالغضب والامتعاض ليشعر بالزهو والعجب وهو يرى مخططه قد جاز، وأن شجرة الحنظل التي أمدها بماء النقمة والحقد بدأت تؤتي ثمارها.

لا نريد أن نبدو كمن يحاول تسويغ الفعل الطائش الخارج على مقاصد الشريعة الإسلامية، والتي هي في أصلها دعوة إلى الحياة بكل صورها: الحياة الأولى والآخرة، والحياة المادية والمعنوية (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم..)

وإنما نريد أن نؤكد أن سياسات بوش وممارسته المهينة لهذه الأمة وكذا ممارسات جنوده من الكتّاب والمثقفين والإعلاميين الذين وسد إليهم أمر هدم الذات وتمييعها، فما أكثر ما نسمعهم أو نقرؤهم يتهمون الأمة بالإرهاب والسذاجة، ويسخرون من عقيدتها ودينها وقيمها ومناهجها وانتمائها، تلك السياسات وهذه الممارسات هي نوع آخر من التفجيرات التي تتم في (روح) المسلم وفي (ضميره) !!

بوش، ونخبه على منابرهم العربية الذين لم يفهموا من الحرية بعدها الإنساني، ولا بعدها السياسي ولا بعدها الاجتماعي، وإنما فهموها فقط حرية العدوان على (دين الله) والسخرية من (كتاب الله) والحط من شأن شريعة الله، وازدراء واحتقار المؤمنين بالله.. لا يقدرون الثمار المرة لهذا الخطاب الأرعن الحقود.

تفجيرات بوش في أفغانستان والعراق وفلسطين، وتفجيرات نخبه المثقفة التي تحتل موضع الصدارة في منابر الرأي والتأثير العربية، والتي تقصف صباح مساء الروح المسلمة والضمير المسلم هي المنتج العملي للمناخ الذي يدفع شباب الأمة ليقعوا في الفخ الذي يريده بوش وحواريوه.

نستنكر الفعل الآثم وندينه، وندعو إلى نظرة أشمل وأعمق في فهم ما يجري، وفي التعامل معه.. بوش يطالبنا بنقض الثوابت، وتغيير المناهج وهو يملك أداة التغيير ووسائله وجنوده من شياطين الإنس المتسربلون بثيابنا والمتكلمون بلغتنا. ونحن أيضاً نطالب بالتمسك بالثوابت، وبتطوير الخطاب والمناهج لتكون المعبرة عن الإسلام الحقيقة والهوية.

11 / 11 / 2003