آخر تحديث يوم الخميس 09 - 01 - 2003م

.....

برق الشرق

تهافت الاستسلام

يدينون عمليات المقاومة، يرون فيها ذرائع تسوغ عمل الجزار، تفوت الفرصة على الأهل، وتعرضهم لأعمال الانتقام !!

يصيحون بصوت واحد: توقفوا، وحين يتوقفون يستمر الجزار في عمله؛ القتل خبز الفلسطينيين اليومي صبوحهم وغداؤهم وعشاؤهم،  يأتدم منه الرجل والمرأة، الشيخ والطفل، وتلميذ المدرسة الذي طالما كتب دمه على أوراق دفتره معاني لا يعقلها إلا من كان له قلب، والرضيع الذي اختلط دمه ودم أمه بزجاجة الحليب !!

الجزار، حسب المنطوق الأمريكي، ومن يشايعه ممن يكتب بلغتنا، هو الطبيب الأنيق، مخالبه مبضع جراح، وشفتاه تفتر دائماً عن ابتسامة لطيفة، ولكن الإرهابيين الذين هم كل أبناء أمتنا لا يدركون مغازي الابتسامة الذهبية، فيظنونها تعصباً منهم ابتسامة كالحة صفراء.

توقفوا !!

وحين يتوقفون، يتدحرج الصوت الهمجي فيعلو على صوت الراجمات والجرافات والقنابل والطائرات: أرأيتم هذا ما قلناه لكم ليس لهم دواء إلا القتل، والقتل والمزيد من القتل ولذا فعلينا أن نستمر في القتل. أرأيتم لقد انتصرنا: استراتيجياً وتكتيكياً وحققنا لكم الوعد بالأمن والأمان. احتفظنا بالأرض كل الأرض، وكسبنا الأمن كل الأمن، وفرضنا السلام الذي أردنا، وأوجدنا في الجهة الأخرى من يحامي عنا، ويدافع عن حقوقنا، ويبكي قتلانا، ويصفق لنا !!

وقف المقاومة يعني بالمفهوم الاستراتيجي انتصار الجزار، وانكسار إرادة الأحرار، زهو الباطل وضمور الحق. ويعني في البداية والنهاية أن الجزار كان على حق.

الذين يطالبون بوقف المقاومة، ويفذلكون هذه المطالبة، عليهم أن ينظروا بعيداً عن مواقع أقدامهم، فالمقاومة هي معركة شعب وأمة، ومعارك الأمم والشعوب طويلة وقاسية ومضنية، فيها ضحايا وأشلاء ودماء و(إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُون)، ومنذ العهد الأول كان في الصفقة (.. فيَقتُلون ويُقتَلون). ومعارك الأمم والشعوب لا يشعلها أو يطفئها قرار، لأنها التعبير الحي عن الحياة.

لتستمر المقاومة، وجزار يأتي وآخر يروح وسيكون النصر في النهاية حليف آخر رضيع فلسطيني تمسك أنامله الحجر بدل زجاجة الحليب.

لتستمر المقاومة ولا نامت أعين الجبناء.

9 / 1 / 2003