برق
الشرق
الشرعية
الدولية .. وسقطت ورقة التوت
الإنذار
الأخير للرئيس بوش، والتحرك منفرداً
مع حلفائه، بعيداً عن العنوان المخادع
(الشرعية الدولية) ؛ يضع أمتنا وقادتنا
أمام الشر العُريان كما تقول العرب.
ونجح
العراق بالحركة الديبلوماسية التي
مارسها في إسقاط ورقة التوت تلك، مع أن
لا أحد يسطر نجاحاً للعراق في هذه
الأجواء المحمومة، فأكثر الكتابات
العربية اليوم تخلط الأوراق لتدين
الضحية، وتكتتب في سجل الجلاد!!
وبغض
النظر عن نتائج الحرب المعلنة على
العراق، والذي نسأل الله العلي القدير
أن يكتب له السلامة والظفر، فإن إنذار
بوش لن يكون أشد سواداً، في تاريخ
الأمة، من إنذار (غورو)، ولن تحتل
المعركة القادمة مكانة أقل من معركة
ميسلون.. نقول هذا للمثبطين والمخذلين
والشامتين.
(ميسلون)
كانت رمزاً للإباء، ودخل يوسف العظمة
التاريخ من باب البطولة فحفظت ذكراه
الأجيال، وغاب من حوله كثير من
المنسيين. كان يوسف العظمة وزير (الحربية)
ولم يكن (وزيراً للدفاع)!! وحبذا لو
يُلحظ الفارق بين التسميتين، وانعكاس
ذلك على حال الأمة في عهدين.
منذ
عقد ونصف وترانيم الشرعية الدولية تصك
الآذان، وروائحها المنبعثة من ثياب
شارون وعصابته تزكم الأنوف، حتى
المواطنة الأمريكية راشيل (راحيل)
تلاشى صوت عظامها المسحوقة تحت وطأة
الجرافة (الصهيوكية)!!
كثيرون
كانوا يتذرعون أمامنا بالشرعية
الدولية للقعود عن نصرة الأرض والعرض،
ويجدون فيها ملاذاً ومخرجاً من تحمل
مسؤولياتهم؛ واليوم يتخذ بوش وبلير
وحلفاؤهما الشرعية الدولية وراءهم
ظهرياً؛ فلم تكن هذه الشرعية قط إلا
مطية ذلولاً لتحقيق المآرب، وإذلال
الشعوب، ونهب ثرواتها. فأين سيكون موقع
أولئك المتعللين اليوم بعد كل الذي كان
؟! هل سينتصرون حقاً للشرعية الدولية،
أو أنهم يعتقدون أن هذه الشرعية هي
قميص للقوي يلبسه ساعة يشاء ويخلعه
عندما يريد ؟! ولماذا لا ينتصرون لتلك
الشرعية كما كانوا سيفعلون لو كانت
ورقتها في يمين بوش ؟!
في
الحديث عن الشرعية المزعومة، نقدر أنه
ما يزال في مقدور الأمة العربية
والإسلامية، قادة وشعوباً، أن يفعلوا
الكثير استراتيجياً وديبلوماسياً لو
كانوا يريدون !!
خذلان
العراق اليوم، ليس خذلاناً للذات
وللأخ والجار فحسب، وإنما هو خذلان
للشرعية (الحبيبة) التي فرض علينا
نزولنا على حكمها أن نتنازل عن أرضنا
في فلسطين !!
خذلاننا
للعراق اليوم هو خذلان للدين والحضارة
والإنسان، خذلان للطفولة البريئة
وللأمومة المستباحة، ولتاريخ أشم صنعه
الرشيد والمأمون والمعتصم. إن
التراتيل التي يرددها المتخاذلون
والمستسلمون ما هي إلا فحيح ابن
العلقمي يزين للمستعصم النزول على حكم
المغول.
حري
بنا أن نستذكر في هذا المقام كلمات
هانئ بن مسعود الشيباني بين يدي معركة
ذي قار (المنية
ولا الدنية، استقبال الموت خير من
استدباره، الطعن في ثغر النحور أكرم
منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر
قاتلوا فما للمنايا من بد.)
ندعو
للعراق الحبيب بالسلامة والظفر ونردد
على مسامع أبنائه قوله تعالى (كتب
عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن
تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن
تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم
وأنتم لا تعلمون).
19
/ 3 / 2003
|