برق
الشرق
العدوان
على المحتلين !!
مع
أننا نعيش عصر العلم، وعصر سيادة
العقل، فإن رؤوس دول العالم الممثلين
في (الرباعية)، ومعهم الأمين العام
للأمم المتحدة بوصفه الكبير يفجؤون
العالم بالحديث عن العدوان الفلسطيني
على (لمحتل) الصهيوني !! وأن يدينوا هذا
العدوان، ويستصرخوا ضمائر أهل الأرض
ضد الغطرسة الفلسطينية الدموية
التي تستعمل كل آلتها العسكرية
المصنوعة من لحم ودم لإيذاء شارون
اللطيف الوديع المدجج بكل تكنولوجيا
العصر العسكرية.
كثيرون
استنكروا وغمزوا ولمزوا عندما سمعوا
بعض الكتاب الإسلاميين يتحدثون عن (جاهلية
القرن العشرين)، فتحوا أفواههم
مستغربين !! فإن لم تكن هذه هي الجاهلية
بعينها فماذا يمكن أن تكون ؟!!
من
حق الرباعية، والخماسية وكل طغاة
الأرض وجلاوزتها أن ينتصروا لنمرود
الذي أوقد النار لإبراهيم عليه
السلام، ولفرعون الذي استباح بني
إسرائيل، (يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم)،
وللرومان مع الاسخريوطي وهم يقودون
شبيه السيد المسيح إلى خشبة الصليب،
ولنيرون وقد أحرق في ساعة حمق روما،
ولهتلر يجتاح الشرق والغرب ويفعل
بالشعوب الأفاعيل، ولموسوليني
ولستالين ولكل عتل جواظ متكبر، نقول من
حقهم ؛ لأن هذا سيبقى خياراً بشرياً
جائراً عند قوم مسوغاً عند آخرين !! أما
أن يطالب أحد أولئك الذين صب عليهم
طغيان الطغاة وأذاهم فأحرقوا وعذبوا
وكسرت أضلاعهم وسلخت جلودهم ونفوا من
الأرض، أن يطالب أحد الضحايا هؤلاء أن
يتوقفوا عن أذية الجلاد لأنهم ينتفضون
تحت وقع سياطه أو حد سكينه، فإن هذا هو
الذي يجعل الإنسان الذي استطاع أن يمسك
في رأسه مسكة عقل، ينادي في هؤلاء
القوم (أليس منكم رجل رشيد) ؟!
الرباعية
لا تدين في موقفها المزري هذا لحظة في
تاريخ الإنسان عابرة، وإنما تدين
التاريخ البشري فتنحاز إلى جانب
الطغاة الجبارين ضد إرادة الشعوب،
فتجعل من صمود شارل ديغول ضد المحتل
النازي إرهاباً، ومن مقاومة جورج
واشنطن في حرب الاستقلال الأمريكية
حرب إرهابيين وقتلة وهكذا يفتح سجل
التاريخ لكي تنكس فيه الحقائق، وتشوه
القيم، ويحول الجلادون إلى أبطال
والأبطال إلى قتلة وإرهابيين.
وهذا
الموقف لا يزري بعقول أصحابه ولا
بنفوسهم فقط ؛ وإنما يزري بآدميتهم
وإنسانيتهم، ويضعهم في مصاف ذاك الغول
البشري المسمى (شارون) والذي لا يساوي
هتلر أو موسوليني سيئة من سيئاته !!
إن
التفسير التلقائي والمباشر لهذا
الموقف هو أن القوم ينطلقون من أحقاد
تاريخية، وعصبية حضارية، فهم قد ظنوا
أو هكذا خيل لهم أنهم يعيشون اللحظة
الحاسمة لتصفية حساباتهم مع هذه الأمة..
وربما أطمعهم أن رأوا رؤوساً منكسة،
وسمعوا ألسنة تلهج بمدحهم، ثم فجأهم
حسيس المقاومة من حيث لا يحتسبون.
ثم
لعلهم لا يحتسبون أيضاً أن العالم
اليوم قد أصبح جسماً واحداً، وأن
الجسور التي نصبوها ليسيروا عليها
عربات الموت والكراهية التي يصدرون قد
استعلت فيها إنسانية الإنسان
وعقلانيته وتفوقت على ما في نفوسهم من
حقد وما في رؤوسهم من هوى، فتنطلق
المظاهرات الإنسانية لتعم العالم،
ترجم المحتل الجلاد وأنصاره ومشايعيه.
لشعوب
العالم المحبة للخير والسلام التحية،
ولغيلان البشر وجلاديهم الخزي والعار.
29
/ 9 / 2003
|