برق
الشرق
الولايات
المتحدة التي (تدس إلى العطار)
قدمت
(شارلوت بيرز)، المسؤولة الأمريكية في
إدارة الرئيس بوش عن مهمة
تحسين صورة الولايات المتحدة في
العالم الإسلامي،
استقالتها من مهمتها بعد سبعة عشر
شهراً من العمل في محاولة لوقف المد
المناهض للأمريكيين في الدول
الإسلامية. وقد اعترفت الأسبوع الماضي
أن مهمتها مثبطة للهمم. وأبلغت لجنة
العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن
الفجوة بين (من نحن وبين ما نود أن نكون
في أعين الآخرين) واسعة بشكل عنيف.
إن
الحالة التي وصلت الولايات المتحدة
إليها في نظر الآخرين وليس فقط في نظر
العرب والمسلمين، تثير القلق والخوف
حقاً، وأحياناً تدعو إلى الشفقة
والرثاء، فالجاهل يفعل بنفسه، ما لا
يفعله العدو بعدوه. إن الطيش والرعونة
والغطرسة والعدوانية التي تميزت بها
الإدارات الأمريكية، منذ سقوط الاتحاد
السوفييتي، جعلت الكثير من شعوب
العالم، يتذكرون النباش الأول،
ويراجعون مواقفهم التي يقدرون بأنها
اتسمت بكثير من الغرور والانخداع
بدعاوى الحرية والديمقراطية، التي
كانت الولايات المتحدة تبشر بها.
كراهية
الولايات المتحدة، أو النفور منها،
ومن سياساتها وقادتها، والذي يتمادى
أحياناً بصورة غير مباشرة ليصل إلى
مواطنيها، ليس وقفاً على شعوب بعينها،
بل إنه يتنامى عند شعوب العالم أجمع
بما فيها شعوب الحليف الأطلسي، كلما
ازدادت الولايات المتحدة عتواً وكبراً
وغروراً. لقد كانت الانتقادات الغربية
التي وجهت لتوني بلير على خلفية تبعيته
الذليلة للرئيس بوش، من قبل مواطنيه
الغربيين والبريطانيين، خارجة عن نطاق
الأدب الديبلوماسي في كثير من الأحيان
!!
النفور
من الولايات المتحدة، وإدارتها لم يعد
وقفاً على العرب والمسلمين، وهو ليس
ناتجاً عن خلافات عقائدية أو حضارية
كما يروق للأمريكيين أن يصوروه، بل إن
مشاعر الكراهية والنفور هي رد الفعل
الطبيعي والتلقائي على السياسات
الأمريكية الحمقاء، التي تنتهجها
الإدارات الأمريكية حيال العالم أجمع:
الإنسان والحضارة والقيم، وهذه
السياسات تتجلى في أبشع صورها في
العالمين العربي والإسلامي، ولاسيما
ما ينفذه شارون جزار المطبخ الأمريكي
في المنطقة العربية، أو ما تنفرج عنه
شفتا رامسفيلد أو كونداليزا رايس
اللذين احتلا مكانة (النازي) السفاح في
مخيلة الأطفال العرب.
يوم
أصر الطليان في مطلع القرن العشرين على
تعليق البطل عمر المختار، وقد تجاوز
السبعين من عمره على حبل المشنقة قال
لهم أحمد شوقي:
يا ويحهم نصبوا مناراً من دم
يوحي إلى جيل الغد البغضاء
ثم
تساءل:
ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد
بيـن الشعـوب مودة وإخاء
السؤال
الذي طرحه شوقي على الغربيين في مطلع
القرن العشرين غدا مطروحاً على
الأمريكان في مطلع القرن الحادي
والعشرين.
نظرة
العرب والمسلمين إلى أمريكا، لن
تغيرها مؤسسات التضليل الإعلامي، ولا
مراكز الدعاية، ولا عمليات التجميل
والصباغ والمكياج. وستنفق الولايات
المتحدة الكثير في هذه السبيل الخاطئة
ولكن العطار لن يصلح ما يفسده بوش
ورامسفيلد.
سؤال
آخر يقفز بالمقابل، ماذا تفعل
الحكومات العربية، والمؤسسات
العربية، لتصحيح ولا نقول لتحسين صورة
العربي والمسلم في ذهن الإنسان
الأمريكي مجرد سؤال.
6
/ 3 / 2003
|