برق
الشرق
وثيقة
جنيف
رؤية
ببعد واحد
من
الصعب أن نفترض حسن النية في الفريق
الفلسطيني الذي وقع على وثيقة جنيف.
خبايا كثيرة تقفز إلى ساحة بعض الظن،
حيث حب الارتفاع ولو على.. والشهرة ولو
بثوب الخيانة، والالتصاق بالآخر القوي
والمسيطر طمعاً ببعض ما لديه، والنظر
إلى المستقبل الشخصي بعيداً عن
المستقبل الوطني.
من
الصعب أن نصدق أن زيداً أو عمراً من
الفريق الموقع على الاتفاقية السوداء
قادر على بيع كل مفاتيح الدور، التي
يحتفظ بها أصحابها منذ ما يزيد على نصف
قرن، وأن يلحق بها كل الأكداس من (قوجانات)
التمليك، ثم أن يحمل على كاهله التراب
الفلسطيني إلى تحت سبع أرضين فيبيعه
دفعة واحدة بكرسي دوار، أو ببساط أحمر
يسمح شارون بفرشه يوماً ويمنعه أياماً
كثيرة.
من
الصعب أن نفترض، حسن النية، ومن الصعب
أن نصدق.. ولكننا سنحاول أن نفعل كما
فعل من حلم يوماً أن رأسه طار من بين
كتفيه وأنه يجري خلفه ليلحق به.. فلقد
أطارت وثيقة جنيف المذلة من الأمة أجمع
القلوب والعقول والرؤوس.. دعونا نحاول
اللحاق بها.
زعم
الفريق إياه أنه يريد أن يحدث اختراقاً
في السكون المسيطر على عملية السلام.
وهي إرادة يظن فيها أصحابها النبل،
ولكن الاختراق لصالح من ؟! هذا السؤال
هو الذي لم يخطر على بال الموقعين أو
خطر على بالهم وتجاهلوه. ما الجديد
الذي كسبه الفلسطينيون من هذه الوثيقة
؟ هل تكرم أنصار معسكر السلام الصهاينة
فوعدوا الفلسطينيين بحق إضافي خارج
إطار خارطة الطريق، أو خارج إطار
قوانين الأمم المتحدة ؟!
هل
كانوا كرماء كما كان فريق الموقعين
عندما شطبوا حق العودة لخمسة ملايين
فلسطيني، وهو حق كفلته لهم قوانين
الشرعية الدولية، التي ساهمت في
تشريدهم وتقسيم ديارهم..؟! التنازل
الفلسطيني وإن كان غير رسمي فتح الآفاق
أمام شارون مشرعة، وهو الذي يتبادل
الدور مع شركائه من يمين ويسار، واحد
يدق والآخر يشق !! بينما فرح المهازيل
الذي وقفوا أمام شاشات الكاميرا في
جنيف بتصفيق المصفقين وتأييد المؤيدين..
وهو تصفيق يذكر بما لا يحمد ذكره.
ثم
زعم الفريق إياه أنه يريد أن يدخل
الأزمة إلى داخل المجتمع الصهيوني،
ويحدث انقساماً فيه بعد أن جيرت
المقاومة المجتمع الصهيوني كله لصالح
اليمين (كذا تدان المقاومة ويمجد
التنازل والسقوط !!) ولكن العقول
القاصرة ذات البعد الواحد، لم تلتفت
إلى الخلف لتتساءل عن أثر الفعلة
النكراء في الصف الفلسطيني نفسه، سواء
في الداخل أو في الشتات وكان زيداً هذا
أو عمراً ذاك قد أخذا تفويضاً من كل
فلسطيني بأن يعبث كل واحد منهما بقضيته
كيف يشاء.
حقيقة
أن الوثيقة غير رسمية، وحقيقة أن حق
العودة محمي بقوانين الشرعية الدولية،
وبإرادة الأمة أجمع ؛ تتطلب هذه المرة
من (فتح) ومن رجال فتح بالذات موقفاً
ينبذ الوثيقة ومن أمضاها.
قضية
فلسطين قضية إسلامية مركزية، وقضية
عربية مركزية، وقضية فلسطينية تخص كل
فلسطيني ؛ ومن هنا فإنها لا يمكن أن
تتحول في ظلمة ليل إلى إرث فردي يبيعه
أو يهبه من لا يملكه إلى من لا يستحقه.
4
/ 12 / 2003
|