آخر تحديث يوم الأحد 19 - 10 - 2003م

.....

برق الشرق

وليام بويكين

(خلا لكِ الجو فبيضي واصفري)

لن أقارن بين الضجة المفتعلة حول كلام الرئيس الماليزي (محاضر محمد) الذي هو في جوهره إشادة بذكاء اليهود وقدرتهم على النفوذ في بنية العالم وتحكمهم في مصيره مع قلتهم ؛ وبين ما أطلقه أخيراً (وليام بويكين) نائب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون المخابرات ودعم الجهد الحربي.. والتي مرت كسحابة صيف. لم تمتعض منها لا الحكومات ولا الشعوب التي نالت تلك الكلمات من عقيدتها ودينها !!

وليام بويكين ليس وحيدا في عملية الهجوم العلني السافر على الإسلام وأهله، فهو حلقة في سياق بدأه الرئيس بوش (مبعوث العناية الإلهية كما وصفه بويكين) لإعلان الحرب الصليبية على المسلمين الذي يمثلون الشيطان كما يراهم بويكين، الراهب المتعصب والفارس المتغطرس، وعلى إلههم (سبحانه) المقهور !!

ما يتفوه به القادة الأمريكيون والغربيون على مختلف مستوياتهم، وتباين ثقافاتهم (!!) ضد الإسلام العقيدة والدين والمنهج هو الجزء الأقل سوءاً من حقيقة اعتقاداتهم ومشاعرهم (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) هذه حقيقة أولى في هذا الصراع، لا يتجاوزها من بني قومنا إلا من كان في قلبه مرض (... فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين). وكل جعجعة المثقفين العرب الذين يعملون ليل نهار على تسويق وتسويغ الموقف الأمريكي هو نوع من المسارعة في هؤلاء الأشرار الإرهابيين !!

والحقيقة الثانية هي أن هذه الحرب هي حرب على الإسلام الدين والعقيدة. وحرب على المسلمين الهوية والانتماء. وليست حرباً كما يحاول البعض أن يدلس على مجموعة أو فئة أو فريق أو قطر أو دولة. هي حرب على الأمة كل الأمة. وسيهدم هذا الغازي حصونها حصناً بعد حصن، وسيحتل خنادقها خندقاً بعد خندق، وكل ما هو معلن مما يتستر به المخادعون والمنخدعون إنما هو ذرائع أوهى من خيط العنكبوت. ذرائع ليست أحسن حالاً من تلك التي شنت بسببها الحرب على العراق.

إزاء هذه السياقات الذرائعية لا نرى على الساحة العربية والإسلامية إلا مسؤولاً متنصلاً من حمل التبعة، والقيام باستحقاق مقعد المسؤولية، أو مثقفاً يداجي ويماري ويحمل على بني قومه أفراداً وجماعات وتيارات لأنهم تخلفوا عن جحر الضب الذي يدعوهم وسادته إليه.

إن تفوهات الجنرال (بويكين) التي يلقيها في سياق تحريضي على الإسلام والمسلمين، والذي توافقه الإدارة الأمريكية أجمع عليه إما بالمشاركة أو بالتشجيع والإغضاء، لا تخرج عن إطار خطاب بطرس الناسك الذي ركب حمارته في عهد البابا أوريان الثاني ليطوف أوربة محرضاً لإنقاذ بيت المقدس من البرابرة الوثنيين!!

والتفوهات الاستفزازية لجاهل متغطرس متعصب لن تجرنا إلى مثلها لأننا الأعلم والأرقى، ولأننا القيمون الحقيقيون على دعوة إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين. ولقد كانت جوهر دعوة هؤلاء الأكرمين أن الله تعالى هو رب العالمين. وليس كما يتصوره (حجري) موغل في البدائية والحسية (مختار قرية) أو (زعيم عصابة) أو (رب شعب مختار) دون سائر الشعوب. وهذه الحقيقة هي التي جهدنا في موكبنا الموصول إلى نوح وإبراهيم لتأكيدها في التصور البشري العام. ويصر المنكودون المنغلقون بعد الجهد كله أن يعتقدوا أنهم يمتلكون إلههم كما يمتلكون دولارهم !!

لا غرو أن يتطاول السفهاء، ولكن العجب كل العجب في سكوت يقود إلى ذلة، وفي ذلة توقع بالأمة تحت سنابك العدو.. !!

نعم وليام بويكين: (خلا لكِ الجو فبيضي واصفري).. ولكن ليس قبل أن تسأل لويس الرابع عشر عن دار ابن لقمان.

دار ابن لقمان على حالها        والقيد باق والطواشي صبيح

والأيام دول.

19 / 10 / 2003