برق
الشرق
واقع
مرتبك يقتضي قيادات حاذقة
الواقع
العالمي مرتبك فالاقتحامات
اللامسؤولة التي تقدم عليها الإدارة
الأمريكية تضع قادة العالم الأول أمام
حالة من التحديات والفوضى
واللامعقولية بحيث تتنازعها عوامل
متضاربة منها الحفاظ على الهيبة
والمكانة ومنها حماية المصالح الذاتية
ومنها الوفاء للتحالفات الاستراتيجية
والاستمتاع بمعطيات الكينونة في ظل
الحليف القوي.
والواقع
الإقليمي مرتبك، فحضور القوة
الأمريكية الضاربة بخيلها ورجلها إلى
المنطقة، وفرض الأجندة الأمريكية فوق
الطاولة، لا تحتها، هذه المرة،
وبطريقة فظة تبعد عن كل روح
للديبلوماسية الأنيقة المعتادة،
وقادة المنطقة يتضاغون أمام الطرقات
المتلاحقة التي تتناوشهم عن أيمانهم
وعن شمائلهم.
وبالإضافة
إلى الهجمة الأمريكية، تنضم الهجمة
الشارونية بكل أبعادها، ويزداد تأثير
هذه الهجمة ضراوة عن طريق تأكيد
الإدارة الأمريكية أن الطريق إلى قلب
واشنطن لا يكون إلا عبر قنطرة شارون،
حتى يضطر حزب مثل حزب العدالة والتنمية
أن يلقي بأوراق اعتماده في أيدي سمسار
صهيوني ليتقدم بها إلى البيت الأبيض.
الخارطة
الفلسطينية من صلابة المقاومين إلى
هلامية المتخاذلين تزيد المشهد العربي
والداخلي ارتباكاً.. فلم يعد أبو عمار
يلعبها بيده هذه المرة، وبين أحمد
ياسين وياسر عبد ربه تلاع ووهدات من
القوى والآراء الفلسطينية المتباينة.
ويزيد
الخارطة الإقليمية، ارتباكاً أنه لأول
مرة في تاريخها يكشف الجنود الأخفياء
أوراقهم وتبدأ الطروحات المجاهرة
بالولاء للأجنبي تستعلن بالعربي
الفصيح وعلى المنابر العربية
المستعلية.
حين
توزعت الأمور ـ أبدي سبا ـ كما تعودنا
أن نقول، أصبحت الكلمة المحسوبة صعبة،
والموقف يتحدد على مثل رؤوس الإبر،
الدول والحكومات والقادة والجماعات
وهذا الفريق أو ذاك، كل يشعر بالارتباك..
إذ لم يعد للمركب وجهة، ولا لحامل
المجداف رؤية.
في
هذه الظروف الصعبة تعز الكلمة، وتزداد
حراجة الموقف، ولا يبقى أمام الإنسان
إلا الجدية في تحمل المسؤولية والتشبث
بما يقتنع أنه صواب. والأهم من ذلك
التضحية بكثير مما يظن أنه مصلحة ذاتية
لحاكم أو فريق، لإيجاد التيار العام
على التقاطعات الكبرى وتعميق مجراه.
الكبيرة
الأولى في السياق الذي نحن فيه هو في
الانخراط في حالة الضبابية أو نشرها،
وإطلاق الكلام المصنع لغايات
الاستهلاك، أو لتمويه السياسات.
في
هذا الزمن المرتبك الذي حصحص فيه الحق،
وسقطت الأقنعة وكشف كل صاحب بغية عن
بغيته بلا كناية ولا مواربة، لم يعد
يجدي إلا أن يقابل الموقف بمثله
والصراحة بأختها.
عصر
مربك كل ما فيه، ولكن القيادة الحاذقة
ليست هي التي تلتف على الحقائق، وتطمس
على أعين مواطنيها وتلقي بهم في دوامة
الآراء المتناقضة والمتدابرة، وليست
هي التي تنقض غزلها من بعد قوة
أنكاثاً، وإنما هي التي تتمسك بالرؤية
القاصدة الواضحة بالقوة التي تستحق (يا
يحيى خذ الكتاب بقوة).
7
/ 12 / 2003
|