برق
الشرق
المرأة
العربية : القبعات المستوردة .. والأرض
اليباب
يعقد
في دمشق هذه الأيام، تحت رعاية السيدة
أسماء الأخرس عقيلة رئيس الجمهورية،
منتدى المرأة والتربية.
ابتداء
نصر على دعوة السيدة السورية الأولى،
باسمها (أسماء الأخرس) وليس (أسماء
الأسد)، نصر على ذلك أولاً امتثالاً
لقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط
عند الله..) ونصر عليه ثانياً، لأنه أحد
عطاءات الشريعة الإسلامية في حماية
كينونة المرأة، والحفاظ على استقلالية
شخصيتها الإنسانية على الصعيدين:
الإنساني والمدني، ونرفض عملية
الاستلحاق الذكوري، الذي يمارسه
المجتمع الغربي على المرأة، فيمحو اسم
الرجل اسم المرأة، لتبقى بالنسبة إليه
تابعاً لا يليق.
والعجيب
أن الكثيرات ممن يتحفظن، والكثيرين
ممن يتحفظون، على شريعة الإسلام
الغراء في قضايا المرأة، ينخرطون
بسلاسة ومتعة في سياق شريعة الغرب
وعوائده، وإن كان فيها: الجور أو
المذلة أو الهوان.
نعود
إلى أصل القضية المطروحة، تحت عنوان (المرأة
والتربية) لنقر ابتداء، أن واقع المرأة
العربية، بحاجة أكيدة إلى إصلاح
وتصحيح وتطوير. وكذا واقع الرجل، ولكن
يبقى للمرأة: الأم والمدرسة، خصوصية
قضاياها وعمقها، لأن إصلاح وضع المرأة
في رأينا، يعني إصلاح الأجيال بكاملها.
إن
كلمات: الإصلاح، والتطوير، والنهوض من
الألفاظ المغرقة في العموم، التي يمكن
أن تطلق على مضامين مختلفة بل ومتضاربة
أحياناً.
إن
الحماسة التي تظهر على الساحة العربية
للتصدي لقضايا المرأة المتساوقة مع
المتطلبات الأمريكية، ومقررات
مؤتمرات المرأة المتتابعة، وما فيها
من شعارات مكشوفة وفاضحة، لإفساد
المجتمعات و(تشييئ) المرأة، أو (تسليعها)
حسب معطيات اقتصاد السوق !! إن كل ذلك
مما يثير قلق الإنسان القويم، والمسلم
الملتزم، والعربي الأصيل، وهي دوائر
ثلاث يتحرك فيها إنسان وطننا على كل
صعيد.
نؤيد
أن يكون للمرأة العربية، لقاءات حية
للتشاور والتعاضد، في سبيل طرح الخاص
والعام من القضايا. ونؤيد أن تسير
المرأة العربية من واقع ران عليه
التخلف والجمود إلى فضاءات التحرر
الحقيقي، لحمل مسؤولية إنسانية كان
لها سهمها الأول في تاريخ حضارتنا
المجيد. ولكننا نطالب في الوقت نفسه
بضرورة تحديد الوجهة التي سيتم
الإقلاع باتجاهها، والقبلة التي سيولي
المجتمعون وجوههم شطرها.
هل
سيكون الإصلاح والتطوير، في اتجاه
نساء الفضائيات اللواتي يسمين افتراء
وإفكاً بالنجوم !! أو باتجاه امرأة
الغرب، التي يؤكد واقعها المرير أنها
من اللواتي (يدفعن الخراج ، ويلسعن
بالكرباج) تحت مسميات الحرية الزائفة،
التي لم تعد على المرأة الغربية إلا
بالذلة والمهانة والشقاء ؟!!
أو
هل سيكون الإصلاح في اتجاه المعطى
الإنساني المطلق، لحفظ كرامة المرأة،
وتأهيلها للأمومة التي هي أصل مهمتها
التي خلقت لها، وعلى اللواتي يستكبرن
على هذه المهمة، أن يراجعن نداء
الفطرة، ومقتضيات الاجتماع، وشرف
المهمة ؟!!
نرفض
أن يكون الإقلاع نحو (الأرض اليباب) ـ
حسب إليـوت ـ أو نحو الوظيفية
البيولوجية، بعيداً عن الدور الإنساني.
القضية
الثانية التي تثير قلقنا في مثل هذه
المنتديات، هي من يمثل المرأة العربية
ومن ينطق باسمها ؟! سيحطب
المخططون والمؤتمرون في ليل طويل،
ماداموا يظنون، أو من يحركهم، أنهم بقبعات
مستوردة، من نسوة مستغربات،
يستطيعون أن يزوروا إرادة المرأة
العربية، وأن يتجاوزوا على كينونتها
وأصالتها.
المرأة
العربية المسلمة الأصيلة، المغيبة
التي لا تحضر ولا تُذكر، هي صاحبة
القرار الحقيقي: في خصوصيتها وفي
وجهتها. وهي قد قررت قبل أن تميط
الأخريات عن أعينهن: البهر بالبهرج
المنفوش المصبوغ، أن تقلع نحو
المستقبل رافعة رايات جداتها: خديجة
وعائشة والزهراء، ونسيبة وخولة
والخنساء.
نتمنى
للنساء العربيات المجتمعات في دمشق
الرشاد والسداد، والإدراك المستنير
لطبيعة المعركة: أساسها وحدودها
وآفاقها.
6
/ 2 / 2003
|