برق
الشرق
الاختراق
الصهيوني
زيارة
شارون للهند
خطوة
خطوة يتقدم المشروع الصهيوني في كل
اتجاه، يتقدم في غزة ورام الله، رغم كل
جهود الإعاقة البطولية التي تبذلها
المقاومة الفلسطينية، ويتقدم
إقليمياً بحضور أو بغياب النظام
العربي، الذي استوى حضوره وغيابه،
ويتقدم دولياً مخترقاً المرتكزات التي
كانت تحسب استراتيجياً من القوى
الداعمة للحق العربي والمناهضة
للعدوان الصهيوني.
من
فوق الرأس العربي، دشن الصهاينة
حضوراً لهم في روسيا ثم في جمهوريات
شرق آسيا الإسلامية ثم في تركية
المسلمة. ثم تقدموا إلى الهند، بعد أن
كانت الهند (نهرو) و(حزب المؤتمر) و(منظومة
عدم الانحياز) نقطة استناد قوية للحق
العربي في مواجهة الصهيونية، يمتد
أصبع الأخطبوط الصهيوني نحو الهند، ثم
يكرس هذا الامتداد بزيارة رجل الإرهاب
شارون التي ستتم بعد أيام.
انتقال
الهند من الصف الداعم للحق العربي إلى
الصف المؤيد للعدوان الصهيوني يأتي
ضمن معادلة دولية، ترعاها الولايات
المتحدة وإسرائيل في إطار صراع
الحضارات، في حين لم يرعها النظام
العربي حق رعايتها.. ويأتي التحرك
الصهيوني الأخير في إطار استراتيجية
أمريكية ـ صهيونية لتطويق الإسلام
والعالم العربي.
بينما
يتذرع النظام العربي بالعجز، ويعيش
حالة من الشلل، دونما أن يجد طرائق
تعينه على المقاومة والدفاع عن النفس.
فعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن
تضارب المصالح (العربية ـ الهندية)
نتيجة جملة من المعطيات منها على سبيل
المثال: العلاقة الهندية ـ
الباكستانية، وقضية كشمير، وارتباط
المصالح الهندية بشكل أكبر بالمصالح
الأمريكية، وسعي الولايات المتحدة إلى
تشكيل حلف (مسيحي ـ يهودي ـ هندوسي)
لتطويق العالم الإسلامي وضربه من كل
اتجاه، حسب نظرية صراع الحضارات التي
يؤمن بها المحافظون الجدد الحاكمون في
البيت الأبيض؛ رغم كل هذا فإن للعلاقات
الهندية العربية أبعادها التاريخية
والواقعية التي يمكن أن يعتمد عليها في
تشكيل واقع جديد للمعادلة السياسية
بين الهند والعالم العربي، لو أراد
القائمون على النظام العربي ذلك.
ترتبط
الهند تاريخياً بالعالم العربي، الذي
يمثل فضاء سياسياً واقتصادياً مفتوحاً
على الهند منذ أقدم العصور، ولا يمكن
لأي عاقل هندي أن يضحي بشجرة العلاقات
الحضارية الضاربة لصالح كيان صغير
معزول في المنطقة هو دولة (إسرائيل).
ثم
إن وجود كتلة بشرية ضخمة من المسلمين
في الهند يشكلون ما يقرب 20% من السكان،
(180 مليون نسمة) حتى بعد انفصال
باكستان، يشكل مدخلاً أساسيا للتعاون
العربي الهندي، وذلك إذا أحسن
المسؤولون العرب التواصل مع مسلمي
الهند بقواهم المدنية والشعبية، ودعم
مواقفهم لمقاومة السياسات العنصرية
التي تتبناها الأحزاب المنغلقة. مثل
حزب (بهارتيا جاناتا) الحاكم.
لا
بد في هذا الإطار من تعرية السياسات
العنصرية التي يعمل على تكريسها حزب (بهارتيا
جاناتا). والتي تتمثل في الصبغة
الهندوسية المتنافية والروح
الديمقراطية العامة للبلاد. كما لا بد
من تعرية تحالف الشر الأمريكي ـ
الصهيوني ـ الهندوسي الذي ترعاه
الإدارة الأمريكية، تأكيداً لنظريتها
في صراع الحضارات.
كما
ينبغي ألا يغيب عن المعادلة البعد
الاقتصادي للعلاقة (الهندية ـ العربية)
إن سوق العمالة الرحب الذي تقدمه
العربية السعودية ودول الخليج العربي
للعمالة الهندية يشكل عاملاً قوياً من
عوامل صياغة العلاقة بين الهند والدول
العربية.
حالة
العجز التي يعاني منها النظام العربي
في مواجهة التقدم الصهيوني تفوت على
الأمة الكثير من المصالح، وتقود
الشعوب إلى مزيد من اليأس والإحباط.
9
/ 9 / 2003
|